الرئيسية / مقالات رأي / أمريكا وأزمة المنطاد الصيني

أمريكا وأزمة المنطاد الصيني

بقلم: د. جبريل العبيدي – صحيفة الشرق الأوسط

الشرق اليوم- البالون التائه قبل إسقاطه يبقى منطاد تجسس بأعين أمريكية، ومنطاد صداقة واستكشاف “علمي” انحرف عن مساره بقوة قاهرة بأعين صينية، في ظل تاريخ للصين سبق لها أن قامت بعدد من المحاولات السابقة للتجسس على أميركا بالمناطيد، وكذلك فعلت أميركا بالمقابل، فحرب التجسس بين البلدين ليست جديدة بل قديمة متكررة. طفت على السطح الأزمة المخفية بين البلدين بمجرد ظهور منطاد صيني متهم بالتجسس فوق الأراضي الأميركية، في حين الصين أعلنت أنه منطاد ضل طريقه فأخذته رياح لم تشتهها السفن ولا المناطيد وفق الرواية الصينية، قبل أن تسقطه الصواريخ الأميركية بأمر مباشر من الرئيس، فالرئيس جو بايدن أعطى الضوء الأخضر لإسقاط المنطاد الصيني فوق ميرتل بيتش بولاية كارولاينا الجنوبية.

أسقط المنطاد “الصيني” في ظل اتهام “بالتجسس” من أعلى المستويات في الإدارة الأمريكية، وكان رد الفعل الصيني عبر عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وانغ يي: “إن الصين لا تقبل تكهنات لا أساس لها من الصحة بشأن المنطاد”.

التجسس عبر المناطيد وسيلة بدائية وقديمة، ولكن المعدات التي يحملها البالون هي مثار الجدل، كما أن استخدام المنطاد قد يكون بالون اختبار لمدى قدرات الدفاعات الأميركية، ومدى قدرتها على استكشافه، وأيضاً قدرتها على إسقاطه دون أضرار، الأمر الذي أظهر ضعفا واضحا في كشفه رغم التبريرات التي ساقتها وزارة الدفاع، في المقابل أظهرت براعة من جانب آخر في إسقاطه في منطقة يمكن بعد ذلك جمع ولملمة أجزاء البالون للكشف عليه، وإلى أن يتم فحص أجزاء بالون المنطاد الذي أسقطته وزارة الدفاع الأميركية، ستبقى الأزمة رهينة التكهنات والتحليلات دون إثبات مطلق في مقابل حقيقة أن البالون اخترق الأراضي الأميركية لأكثر من 600 كم دون أن يعلن عن اكتشافه، الأمر الذي دفع الكثيرين من الأميركيين للقول: “إن إدارة الرئيس بايدن عاجزة عن حماية الأراضي الأمريكية” خاصةً أن المنطاد حلق فوق ميسوري، موطن قاذفات القنابل النووية B – 2 في قاعدة وايتمان الجوية كما ذكرت شبكة فوكس نيوز.

أزمة المنطاد لن تقف عند الروايتين الصينية والأمريكية، بل ستكون علكة في أفواه معارضي الرئيس الأمريكي وحزبه إلى يوم الانتخابات الأمريكية القادمة، فأزمة المنطاد الصيني ستكون عصا شقاق بين الجمهوريين والديمقراطيين، ولن توحدهم أمام العملاق الصيني، الذي لا تخفي أمريكا خشيتها منه خاصةً في المجال الاقتصادي.

إسقاط المنطاد الصيني بالقوة اعتبرته الصين أمرا غير مقبول لكون الصين ترى أن المنطاد انحرف عن مساره بقوة قاهرة، في حين لم تعترف الصين في البدء بهذا المنطاد إلا بعد أن كشفته الرادارات الأميركية.

أزمة الصين وأمريكا طفحت على السطح منذ زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بلوسي محمية بطائرات أمريكية لتايوان، الأمر الذي لم تتأخر عن الرد عليه الجمهورية الصينية، بهذا المنطاد مثار الجدل والخلاف المعلن بين البلدين، اللذين كانا ولا يزالان في حالة حرب باردة مخفية وصداقة.

العلاقات الصينية الأمريكية كانت دائما محل تبادل اتهامات ليس آخرها بالون أو منطاد التجسس، ولا أولها اتهام الصين بالفيروس الصيني كوفيد 19 كما أسماه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

أمريكا بين اتهامات بتخبط إدارة بايدن في أعين الجمهوريين إلى خشية من حالة تفكك في البلاد وخشية على حالة الاتحاد التي كثيرا ما تظهر في الأزمات ولعل أزمة المنطاد الصيني وتبعاتها هي إحدى الحالات التي ستكون اختبارا قاسيا لحالة الاتحاد الأمريكي أمام “الخطر” الخارجي سواء كان منطادا أم فيروسا تتهم به الصين رغم أن المنطاد ليس وسيلة متطورة للتجسس ولو كان تائها في سماء أمريكا.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …