الشرق اليوم- تجتاح بريطانيا وفرنسا، موجة من الإضرابات والتظاهرات غير المسبوقة، احتجاجاً على سوء الأوضاع المعيشية وارتفاع التضخم والمطالبة برفع الأجور، والاحتجاج ضد إصلاح نظام التقاعد، كما حال فرنسا.
موجة الإضرابات والتظاهرات في بريطانيا هي الأكبر منذ أكثر من عشر سنوات، وشارك فيها مئات آلاف المواطنين والعمال والموظفين من مختلف القطاعات، وقد امتنع أكثر من نصف مليون بريطاني عن الذهاب إلى أعمالهم، بعد أن نفذت سبع نقابات عمالية مجتمعة إضراباً واسعاً عن العمل، شمل سائقي القطارات والمعلمين وموظفي المطارات والممرضين، حيث أغلقت معظم محطات القطارات والمدارس، ورفعت لافتات تطالب برفع الأجور، وتوجه المتظاهرون إلى مبنى البرلمان، ومن ثم إلى مقر الحكومة في “10 داوننغ ستريت”.
لقد ارتفع معدل التضخم في بريطانيا إلى أكثر من 10.5 في المئة بشكل بدأ يقضم المداخيل، ما يدفع ملايين البريطانيين نحو الفقر الذي ارتفع لأعلى مستوى منذ أربعة عقود. ويطالب المتظاهرون بزيادات في الأجور، لمواجهة التضخم، وتغطية ارتفاع الأسعار خصوصاً المواد الغذائية والطاقة. ويقول صندوق النقد الدولي إن بريطانيا ستكون هذا العام الاقتصاد الكبير الذي سيعاني ركوداً، مع انكماش بنسبة 0.6 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
رئيس الحكومة ريشي سوناك الذي وصل إلى السلطة، لإنقاذ بريطانيا من أزمتها الاقتصادية، يقف عاجزاً عن تحقيق أي تقدم، وقد اعترف بأنه “لا يملك عصاً سحرية ليدفع أكثر”، ثم قال مبرراً: “إن رفع الأجور سيسهم في زيادة التضخم وتراجع المالية العامة”. وهذا يعني أن لا حل للأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وأن الإضرابات والتظاهرات سوف تستمر، وقد تتحول إلى أزمة سياسية.
ما يجري في بريطانيا، هو في جزء منه جراء تداعيات الحرب الأوكرانية التي ضربت معظم الدول الأوروبية، مثل فرنسا التي تشهد معظم مدنها الآن أوسع احتجاجات ضد نظام التقاعد الذي يرفع سن التقاعد من 62 سنة إلى 64 سنة، وتشمل الاحتجاجات عمال السكك الحديدية والمعلمين وموظفي المطارات والعاملين في قطاعات الطاقة، ويشارك فيها، وفقاً لتقديرات وزارة الداخلية، نحو مليون شخص، فيما تقول النقابات إن المشاركين فيها نحو مليوني شخص.
حكومة الرئيس ماكرون مصرّة على الإصلاحات، وترى أن سن التقاعد في فرنسا هو أقل من سن التقاعد في معظم الدول الأوروبية. في حين أن النقابات ترفض، وهذا يعني أيضاً استمرار المواجهات بين الطرفين.
بريطانيا وفرنسا ليستا وحدهما تعانيان من تبعات الحرب الأوكرانية، وما رافقها من عقوبات اقتصادية ومالية غربية على روسيا، انعكست نتائجها السلبية على معظم الدول الغربية، جراء قطع إمدادات الغاز الروسية، وارتفاع أسعار الطاقة وإمدادات القمح، ما أدى إلى تململ شعبي واسع تجاه ارتفاع الأسعار، تمت ترجمته في العديد من العواصم الأوروبية بتظاهرات واسعة، خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا واليونان.
أوروبا ترفع صوتها ضد سياسات حكوماتها تجاه الحرب الأوكرانية.. بعد أن انقلب السحر على الساحر.
المصدر: صحيفة الخليج