بقلم: فايز رشيد – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- صدقت كافة التحليلات السياسية والتوقعات من أن الحرب الروسية الأوكرانية ستطول مدتها، فقد بدأت في شباط/فبراير 2022، وستنهي عامها الأول قريباً، ويبدو أنها ستطول كثيراً بسبب امتداداتها وكثرة الأطراف والدول المتورّطة فيها.
لقد قررت واشنطن تزويد أوكرانيا بدبابات «أبرامز» المتطورة، وجاء ذلك بعد ضغط دول حلف «الناتو» على ألمانيا بتزويد كييف بدبابات «ليوبارد» المتطورة أيضاً، وهما نوعان من الدبابات سيلعبان دوراً محورياً في تقوية الجيش الأوكراني في معاركه ضد روسيا، عدا أنواع السلاح المتطورة الأخرى التي تمد بها دول الحلف أوكرانيا في مواجهة روسيا التي اعتبرت خطوات «الناتو» تصعيداً خطراً ضدها.
ولذلك تبحث موسكو في زيادة عديد عسكرييها إلى مليون ونصف المليون جندي، وهذه هي الحرب الأولى التي تُجبر موسكو للوصول إلى هذا الرقم المرتفع في عديد جيشها. حتى في ظل الحرب الباردة لم تقم موسكو بهذه الخطوة، كما تبحث دول الحلف خطة طارئة، وتشكيل قوات خاصة لإنقاذ ما تصفه ب«الهدف رقم 1» وهو الرئيس الأوكراني زيلينسكي.
وقد كشفت صحيفة «صن» البريطانية أن هذه المهمة ستتولاها قوات بريطانية خاصة، إضافة إلى قوات من مشاة البحرية الأمريكية تتمركز في قاعدة أمريكية في جمهورية ليتوانيا، وهي إحدى جمهوريات البلطيق الثلاث التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي قبل انهياره عام 1991.
إن ما يقوم به «الناتو» من تأييد وتسليح واسع لأوكرانيا ليس مردّه بالطبع إلى إظهار التأييد المنقطع النظير لأوكرانيا فقط، وإنما هدفه أيضاً إضعاف روسيا من جهة، ووضع قواعد عسكرية لحلف «الناتو» في الأراضي المجاورة لها، كهدف متقدّم للحلف في حال وقوع أحداث ساخنة في القارة الأوروبية تستدعي تدخلاً مباشراً من الحلف. ولطالما سعت الولايات المتحدة منذ أيام الحرب الباردة، وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي إلى إيجاد قواعد عسكرية لها ولدول الحلف عموماً في الجمهوريات المجاورة لروسيا أو القريبة من أراضيها، وهذا ما مارسته في جمهوريات البلطيق الثلاث: لاتفيا، وليتوانيا وإستونيا. من جانبها، فإن روسيا بدأت في تمتين علاقاتها مع جمهورية بيلاروسيا. للعلم فإنه إبان الحقبة السوفييتية كانت روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا أقرب الجمهوريات بعضها إلى بعض.
بالنسبة ل«الناتو»، فعلاقاته مع روسيا ظلّت محكومة ببعض التوتر على خلفية العهد السابق، ولذلك فإن المعسكر الغربي ينفخ في كور النار المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا، ويعمل بكافة الوسائل لإدامة حالة التوتر معها.
من جهتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي لن يتراجع عن دعمه لأوكرانيا وطالبت بمحاسبة روسيا، وقالت «إنها لن تفلت من العقاب على ما اقترفته في أوكرانيا».
من جهة ثانية، فإن العقوبات التي اتخذتها دول حلف «الناتو» ضد روسيا أظهرت أنها سلاح ذو حدين. فمن جهة: صحيح أنها تؤثر في روسيا لكنها أيضاً تركت تأثيرات كبيرة في كافة الدول الأوروبية، إنْ من حيث تقليص كمية الغاز الروسي إليها، وهي في أمسّ الحاجة إليه، أو في ارتفاع أسعار العديد من المنتوجات، بما في ذلك المواد الغذائية الأساسية منها، أو من حيث تصاعد التضخم، هذا على الرغم من ادعاء الاتحاد الأوروبي أن دوله نجحت خلال أقل من عام في تقليل اعتمادها على الوقود الروسي وسيطرت على الأسعار.
على المدى القريب، ليس هناك ما يلوح في الأفق من أن حلولاً قريبة للصراع الدائر حول أوكرانيا ستأخذ طريقها إلى التنفيذ الفعلي.
مجمل القول أن دول «الناتو» تستغل الفرصة في ما اصطلح على تسميته ب«الحرب الأوكرانية» لابتزاز روسيا وإضعافها أكثر ما يمكن. من جانبها، فإن الأخيرة ماضية في تقوية أسلحتها وتطويرها ومعالجة تبعات الحرب التي تشنّها دول حلف «الناتو» عليها.