الرئيسية / مقالات رأي / المأزق التونسي

المأزق التونسي

الشرق اليوم– وسط أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية خانقة، جرت أمس، الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات النيابية التونسية التي يأمل الرئيس قيس سعيّد أن تكون رافعة لمشروعه (الإصلاح السياسي) الذي بدأ في الإجراءات الاستثنائية في 25 من يوليو/تموز 2021 بحل الحكومة وتعليق عمل البرلمان، ومن ثم تعليق العمل بدستور 2014.

وفي مارس/آذار 2022 قرر حل البرلمان بشكل نهائي، ثم تنظيم استفتاء على الدستور في 25 من يوليو/تموز 2022، وفي 15 من سبتمبر/أيلول أصدر مرسوماً رئاسياً عدّل بموجبه القانون الانتخابي من خلال فرض نظام الاقتراع على الأفراد بدلاً من القوائم الحزبية، مع خفض عدد مقاعد البرلمان إلى 161 نائباً.

هذه القرارات أدّت في الواقع إلى أزمة بين السلطة والأحزاب التي وجدت نفسها في مواجهة إقصاء سياسي، فعمدت إلى تشكيل تحالفات رافضة لإجراءات الرئيس سعيّد، بحجة أنه يمارس سياسات غير ديمقراطية، بينما برّر هو إجراءاته بأنها تستهدف قطع دابر الفساد و”الحفاظ على الدولة والمؤسسات”، وتحميل الأحزاب، وخصوصاً “حركة النهضة”، مسؤولية ما أصاب البلاد من انهيار اقتصادي وسوء إدارة، منذ تولّت السلطة بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت نظام زين العابدين بن علي.

وحاولت الأحزاب الرد على إجراءات الرئيس سعيّد من خلال تنظيم التظاهرات الشعبية، والتحريض على رفض المشاركة في الانتخابات، وكذلك كان موقف اتحاد الشغل، وهو أقوى تنظيم نقابي في البلاد سلبياً تجاه قرارات سعيّد، وأبدى مخاوفه من تحول البلاد إلى حكم سلطوي، لكنه ظل على مسافة من موقف الأحزاب السياسية كي لا يتهم بالانحياز إليها، وخصوصاً إلى “حركة النهضة” التي دأب على انتقادها وإدانة سلوكها، وقد تقدّم مؤخراً بمبادرة إنقاذ لإخراج تونس من المنعطف الخطر الذي تمر به، من خلال ضرورة الجلوس إلى طاولة حوار “من دون الاهتمام بتصوّرات من يحكم ومن يعارض”.

وقال الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي: “نسعى إلى إيجاد الحلول والمخرجات لإنقاذ البلاد من الوضع المزري.. نحن في اللحظات الأخيرة للإنقاذ”. لم تكن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات النيابية التي جرت في 17 من ديسمبر/كانون الأول الماضي في صالح الرئيس سعيّد ومشروعه السياسي؛ إذ بلغت نسبة المشاركين فيها 11.2% فقط؛ أي أن نسبة العزوف وصلت إلى نحو 89%، وهي نسبة تعني أن أغلبية الشعب التونسي غير راضٍ عن أداء حكومته، أو عما حققته من نتائج إيجابية على صعيد التخفيف من حدة القضايا الاقتصادية والاجتماعية. لكن هذا لا يعني أن العزوف الشعبي عن الانتخابات هو تأييد لأحزاب المعارضة التي تحاول استثمار هذا العزوف لتحقيق مآرب سياسية.

في الجولة الانتخابية الأولى لم يفز إلا 23 مرشحاً، منهم 3 نساء، وفي الجولة الجديدة يتنافس 262 مرشحاً على بقية المقاعد ال138. فهل تتكرر تجربة الجولة الأولى من عزوف الناخبين مجدداً ويزداد المأزق التونسي؟

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …