بقلم: وائل مهدي – صحيفة الشرق الأوسط
الشرق اليوم- كانت تصريحات أحد كبار المسؤولين في شركة “فيتول” (أكبر شركة تجارة نفط في العالم)، حول مستقبل أسواق النفط في العقد المقبل، صادمة إلى حد ما. حيث قال بن مارشال، رئيس “فيتول”، في الولايات المتحدة، هذا الأسبوع، خلال أحد المؤتمرات، إن أسواق الطاقة ستبقى متذبذبة طيلة السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، نظراً لمحدودية الأدوات التي تساعد على تحمل أي صدمات في السوق.
ما يقصده مارشال أن استخدام الدول لمخزوناتها الاستراتيجية لتهدئة الأسعار، بدلاً من مواجهة نقص المعروض، مثلما حصل العام الماضي، سيجعلها غير قادرة على تحمل أي صدمات.
بصراحة ما يقوله مارشال أمر مقلق فعلاً؛ إذ تمكن السياسيون أخيراً من إيجاد طريقة للوصول إلى المخزونات الاستراتيجية، التي كان الهدف منها في الأصل تأمين السوق في حالة انقطاعات كبيرة للمعروض النفطي.
ولأن السياسيين في الغرب، خصوصاً في الولايات المتحدة، أصبحت نظرتهم قاصرة وقصيرة المدى، فسوف يعاني العالم من آثار سياساتهم.
وفي الحقيقة، ما فعله الرئيس جو بايدن، العام الماضي، من إطلاق 180 مليون برميل، لا يزال هناك مَن يبرره، حتى وإن لم يكن هناك مبرر لما فعله. وهو ما دفع بالجمهوريين الذين يسيطرون على مجلس النواب لفتح تحقيق حول إطلاق المخزونات من قبل الرئيس بايدن، الذي اعتبروه تصرفاً ينمّ عن دافع سياسي لا اقتصادي.
لقد انخفضت المخزونات العالمية في دول “منظمة التعاون والتنمية” (OECD) بشكل كبير، العام الماضي، ووصلت إلى أدنى مستوى منذ عام 1994، عند 1.2 مليار برميل، بحسب آخر تقرير لـ”وكالة الطاقة الدولية”.
ولا يزال السياسيون يقولون إن ما فعلوه ساهم في تهدئة أسعار النفط، ولكن السؤال المهم: هل كانت السوق تحتاج إلى معروض نفطي أكثر العام الماضي؟ لا ندري بالتحديد، لأننا إذا نظرنا إلى تقرير “أوبك”، فإن المخزونات ارتفعت العام الماضي نظراً لضعف الطلب وزيادة العرض.
لقد سارعت الدول لضخ المخزونات، حتى قبل أن تتأكد من أن النفط الروسي سوف ينقطع عن أوروبا، ولكنه لم ينقطع، ولم يبدأ يتراجع إلا في آخر أشهر العام الماضي، بعد أن دخلت المقاطعة حيز التنفيذ.
قد أبدو مناهضاً لما يحدث في الغرب من إطلاق للمخزونات، وأعترف بأن هذا حقيقي، فإن تدخل الدول في السوق بهذا الشكل للتحكم في الأسعار لا يختلف عن اتهاماتهم لمنظمة “أوبك” بأنها تحدد أسعار النفط.
لا أحد يحدد أسعار النفط سوى السوق، ولكن للكل القدرة على التأثير على أسعار النفط، وهذا عن طريق أدوات معروفة؛ إما سياسات حكومية للحد من الطلب، أو استخدام المخزونات، أو بناء طاقات إنتاجية فائضة، أو ضخ كميات في السوق.
ومن غير المنطقي أن تتجه الدول لمحاربة النفط دون تأمين مستقبل لإمدادات الطاقة عالمياً من مصادر أخرى، ومن غير المعقول أن تستخدم الدول المخزونات لتحريك الأسعار بدلاً من مواجهة الانقطاعات، مما يجعل الهدف من بناء المخزونات غير واضح.
والنتيجة المحتملة عشر سنوات عجاف لأسواق الطاقة، ومزيد من الضغط على “أوبك” لفعل شيء.