بقلم: محمد شياع السوداني
الشرق اليوم- الحكومة العراقية اليوم أكثر قناعة برؤيتها لتطوير علاقات العراق الإقليمية والدولية على أسس التعاون والتوازن، والابتعاد عن سياسة المحاور، واعتماد سياسة الشراكة مع العديد من دول العالم وفي مقدمتها فرنسا.
إن استجابة بغداد وباريس للشعور المشترك بالأهمية الاستراتيجية للعلاقة بين بلدينا دفع حكومتنا لاظهار المزيد من الحرص على تطوير تلك العلاقة الثنائية والبناء على أسسها الصلبة.
فعندما واجه العراق مخاطر الإرهاب وخاض حربا مصيرية مع قوى الشر والظلام، دفاعا عن نفسه والمنطقة والعالم، كانت فرنسا سباقة لتقديم العون والمشاركة في استعادة العراق اراضيه وخصوصا في حرب تحرير الموصل. يضاف لذلك، التعاون المشترك بيننا في جوانب التسليح والتدريب والجهد الاستخباراتي، فكل ذلك يؤشر لشراكة استراتيجية طويلة الأمد بين بغداد و باريس بما يضمن الحفاظ على الإنجازات المتحققة في مكافحة الإرهاب والاستقرار في المنطقة.
إن رغبة بلادنا في ترسيخ التعاون العسكري والأمني مع الجانب الفرنسي، تتناغم مع هدفنا في رفع قدرات قواتنا الأمنية القتالية، وهي الآن تحقق تلك الغاية ما يجعل العراق في غير حاجة لقوات قتالية أجنبية، بل قوات استشارية لسد احتياجات قواتنا من التدريب والتجهيز
وهذا يعني أننا بحاجة دائمة الى مراجعة العلاقة مع التحالف الدولي ورسم خارطة التعاون المستقبلي في ظل التطور الدائم في القدرات القتالية لقواتنا المسلحة.
يعد النهوض بالاقتصاد الوطني على رأس أولويات الحكومة العراقية. وترمي حكومتنا للاستغلال الأمثل للقدرات الاقتصادية الضخمة، فالعراق ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك، ويمتلك أحد أكبر احتياطات النفط والغاز في العالم، وان الشركات العملاقة مثل توتال اينرجيز والستوم مرحب بها للعمل في العراق في مجال الطاقة مثل استغلال الغاز المصاحب وحقن المياه في الابار النفطية وتطوير إنتاج الطاقة المتجددة وأيضا مشروع ميترو بغداد المعلق لتخفيف التكدس المروري في العاصمة والذي نوليه أهمية كبيرة، وهذه أمثلة جيدة على الشراكة والتعاون الاقتصادي.
إن حكومتنا تعتزم أن تكون قوة دفع رئيسية في الدبلوماسية الإقليمية والمسارات السياسية، وتجلى ذلك بوضوح في مؤتمر بغداد 2 المنعقد وبدعم من الرئيس ماكرون في العاصمة الأردنية عمان مؤخرا، اذ حرصنا على رفض العراق استخدام أراضيه كمنطلق لتهديد دول الجوار مظهرين رفضنا في الوقت ذاته رفض أي تجاوزات على أراضينا.
فالعراق من خلال علاقاته المميزة مع محيطه الإقليمي بات ملتقى للقاء الأطراف المتباينة وساعيا لتقريب المسافات بين المملكة العربية السعودية وإيران، وذلك من منطلق إيماننا بأن استقرار المنطقة يتم عبر تجاوز التوترات. وسنتستمر في مساعينا في تقريب وجهات النظر بين طهران والرياض حيث نؤمن بأن الحوار واللقاءات السبيل الوحيد للوصول الى أرضية مشتركة وحتى تصل تلك التفاهمات الى مرحلة متقدمة في الاجتماعات واللقاءات المقبلة.
إن التعاون بين باريس وبغداد له اوجه متعددة فهو يمتد للقطاع الصحي والتعليمي والثقافي والمناخي . ففرنسا تعمل على حفظ البيئة ومكافحة آثار تغير المناخ ومخاطره، ونود بناء شراكة متواصلة في حماية التراث ومكافحة تهريب الاثار. وفي الجانب الصحي قامت فرنسا بمبادرة لبناء مستشفى في مدينة سنجار وهذا محل شكرنا وتقديرنا لما بذل من جهد لدعم مكون مهم من شعبنا فالعراق ملتزم بديمقراطيته واحترام حقوق شعبه. وليس ادل على التزامنا هذا من القرار الذي اتخذناه بحق الايزيديين تملك منازلهم واراضيهم في سنجار بعد ما يقرب من 50 عاما من حرمانهم من هذا الحق. نحن نعرف قدر العراق ونحترم اقدار العراقيين من كل الطوائف والملل ومقتنعين ان وحدة الشعب العراقي هي مفتاح قوته التي يفتخر بها ويرسخ وحدتنا كعراقيين نسعى جميعا للتقدم، والاخاء، والمساواة، والعدالة.
نزور فرنسا وكلنا امل بان تكون هذه الزيارة بادرة خير وان نضع الأسس الصحيحة لشراكة مستدامة لتقوية أواصر العلاقة بين بلدينا وشعبينا.