الشرق اليوم- في حين تتدفق الأسلحة الغربية على أوكرانيا بمختلف الأشكال والأنواع، من صواريخ ودبابات ومدافع حديثة ومتطورة، من أجل إحداث تفوق نوعي للجيش الأوكراني، وتمكينه من الصمود واسترجاع الأراضي التي احتلتها القوات الروسية، وبالتالي إلحاق هزيمة بروسيا كما تتوقع القيادات الغربية، إلا أن هذا التصور يعتريه قصور في فهم مسار الحروب، من منطلق تجارب تاريخية لحروب لم تحقق فيها كثرة الأسلحة، أو الاستخدام المفرط لها، النتائج المتوخاة التي تصورها واضعو الخطط الحربية، بل على العكس، انتهت إلى كوارث عسكرية وسياسية.
عندما تخطىء القيادات العسكرية والسياسية في قراءة قوة الخصم، أو قراءة الظروف على الأرض، فإنها تقع بلا شك، في أزمة الخروج من الحرب منتصرة.
هذا ما حصل بالنسبة إلى القوات الأمريكية في حرب فيتنام عام 1946، والتي انتهت بمقتل ما يزيد على 58 ألف جندي أمريكي، مع هزيمة عسكرية مدوية، رغم ما استخدمه الجيش الأمريكي من أسلحة مدمرة، وأرض محروقة.
وتكرر الأمر ثانية في أفغانستان، حيث خرجت القوات الأمريكية والحليفة المدججة بالأسلحة المتطورة بهزيمة عسكرية بعد عشرين عاماً من الحرب التي استنزفت أكثر من تريليون دولار، ومقتل أكثر من 2300 جندي أمريكي، إضافة إلى مقتل الآف الأفغانيين وتهجير مئات الآلاف.
وفي غزو العراق عام 2003 تكرر الخطأ في التقدير والحسابات، فخرجت القوات الأمريكية والحليفة مهزومة مع خسائر بشرية ومادية فادحة، كان نصيب الشعب العراقي منها كارثياً.
يتكرر المشهد الآن في أوكرانيا التي يستخدمها الغرب “حصان طروادة” في حربه ضد روسيا، من خلال ما يقدمه لها من دعم، عسكري ومادي، غير محدود، لعله يحقق انتصاره المرتجى على روسيا، بكلفة بشرية ومادية هائلة يتحمل وزرها الشعب الأوكراني وحده.
الجنرال الأمريكي المتقاعد دانيال ديفيز، الذي شارك في غزو العراق كجزء من القوة المدرعة للفيلق الأمريكي السابع، وضع إصبعه على الجرح في مقال نشرته صحيفة “فورتي فايف”، ردّ فيه على وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، الذي توقع أن “تزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة سيقلب الحرب لمصلحة كييف”، بقوله إن تزويد كييف بدبابات ليوبارد الأمريكية، أو إبرامز الألمانية “لن يحدث معجزة في موازين القوى على أرض المعركة”، وأضاف “إن نتائج المعارك لا تقاس بكميات الأسلحة”. وكان الجنرال ديفيز توقع قبل ذلك في مقال نشره على موقع “1945”، خسارة الجيش الأوكراني قدرته على الدفاع عن البلاد خلال الأشهر القليلة المقبلة. وأضاف “كلما طالت مدة التداول بالوهم القائل إن أوكرانيا لا تزال تتمتع بالفرصة، كلما قتل عدد أكبر من المدنيين، وارتفعت احتمالات سيطرة روسيا على المزيد من الأراضي”.
من جهته، أكد رئيس هيئة الأركان الأمريكية، الجنرال مارك ميلي، أنه سيكون من “الصعب جداً جداً إخراج القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية هذا العام”، مشيراً إلى أن الحرب “ستنتهي بالتفاوض”.
ما دام هناك إقرار بصعوبة تحقيق الانتصار، فلماذا الإصرار على مواصلة الحرب؟ إلا إذا كانت الهزيمة صارت مرادفة للحروب الأمريكية.
المصدر: صحيفة الخليج