بقلم: حسين عابديني –النهار العربي
الشرق اليوم- لئن واجه النظام الإيراني الکثير من التحديات والتهديدات والمصاعب التي أثرت فيه بکل قوة منذ تأسيسه وحتى الآن، لکن من الواضح أن التهديدات والمخاطر الجدية بدأت تواجهه بعد انتفاضة أواخر عام 2017، والتي أخرجت خامنئي بعد 13 يوماً من التزامه صمتاً مطبقاً ليعترف بأن المعارضة الإيرانية هي من قامت بالتهيئة لها والاعداد والتنفيذ. واللافت للنظر أن هذه الانتفاضة التي تم خلالها ترديد شعارات الموت للدكتاتور بصورة خاصة، قد فتحت باباً لم يتمکن النظام من إغلاقه رغم الجهود الاستثنائية التي بذلها بهذا الخصوص.
انتفاضة أواخر عام 2017 مهدت لانتفاضة 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، التي کانت بمثابة صفعة موجعة أخرى تم توجيهها له. لجأ هذا النظام وخوفاً من اتساع دائرتها وصيرورتها عاصفة تجتث حکمه من الأساس خصوصاً أنها قد اکتسبت طابعاً سياسياً کالانتفاضة التي سبقتها، الى مواجهتها بأعتى وأکثر الأساليب القمعية دموية ووحشية، وإبادته أکثر من 1500 من المعتقلين يكفي دليلاً عينياً على ما نقول، وقد تصور هذا النظام أن حسمه هذه الانتفاضة، ولو الى إشعار آخر لمصلحته، من شأنه أن يمنحه الأمان للأعوام القادمة، غير أن حساباته کانت في غير محلها، خصوصاً بعد أن صار واضحاً أن وحدات المقاومة باتت تلعب دوراً حيوياً في النشاط السياسي والتعبوي والتوعوي ضد النظام، لا سيما بعد أن شهد العام 2020، تزايداً غير عادي في التحرکات والنشاطات الاحتجاجية ضده.
ولذلك فإن خامنئي بعد أن تيقن من أن دخول المعارضة الإيرانية الى ساحة المواجهة الشعبية ضده مسألة قد تقلب الطاولة على رأسه ورأس النظام، قام بهندسة انتخابات 2021 الرئاسية ومهد لتنصيب ابراهيم رئيسي، سفاح مجزرة آلاف السجناء السياسيين في صيف عام 1988، على أمل بأن يتمکن من الوقوف بوجه المد الثوري ـ التعبوي الجاري ضد النظام ويجعل مسار الأمور والأوضاع لمصلحة النظام، وهو تحد أدرکته المعارضة الإيرانية منذ البداية لأنها کانت تدري وتعي أن تنصيب رئيسي هو من أجل ترويعها والإيحاء لها بأن مجازر أخرى شبيهة بمجزرة صيف عام 1988، بانتظار أعضائها!
منذ آب (أغسطس) 2021، عندما تم تنصيب رئيسي رئيساً للنظام، فإن الأوضاع في إيران في حالة غليان ولم يشهد عهد أي رئيس للنظام تحرکات احتجاجية وانتفاضات کالتي شهدها خلال عهد رئيسي، وهو ما أکد فشل المخطط الذي رسمه خامنئي من أجل إنقاذ النظام وجعل الأمور لمصلحته، خصوصاً أن شباب الانتفاضة ومن خلال الدور التعبوي التنويري الذي لعبوه قد مهدوا الأرضية والأجواء على أحسن ما يکون لاندلاع انتفاضة 16 أيلول (سبتمبر) 2022، والمستمرة دونما انقطاع حتى الآن، وأن اعتراف النظام مرغماً بدور المعارضة وتأثيرها في المسار السياسي ـ الفکري للانتفاضة وجعلها تسير باتجاه إسقاط النظام، سيجعل وبالضرورة الملحة عام 2023، العام الأصعب لهذا النظام الذي تٶکد معظم المٶشرات أن عبوره منه سالماً هو المستحيل بعينه!