الشرق اليوم- أصبح الطريق سالكاً أمام تطبيع العلاقات السورية التركية، بعد الاجتماع الذي ضمّ وزراء دفاع روسيا وسوريا وتركيا في موسكو، الأسبوع الماضي، وما تمخض عنه من نتائج، وصفتها عواصم الدول الثلاث بأنها “إيجابية ومثمرة”، وهو تعبير يعني أن العلاقات بين دمشق وأنقرة بدأت تأخذ مساراً جديداً بعد قطيعة استمرت نحو 11 عاماً، تخللها الكثير من المواقف السلبية التي حفرت عميقاً في الواقع السوري، من فتح الحدود أمام المسلحين، واحتلال أجزاء من الجغرافيا السورية، واستخدام الجماعات المسلحة لتحقيق مآرب سياسية.
ومن المعروف أن روسيا بذلت خلال السنوات الماضية جهوداً كبيرة للمصالحة بين البلدين، إلا أن جملة من الأسباب كانت تعوق الوصول إلى هذا الهدف، من بينها انعدام الثقة بين قيادتي البلدين، والممارسات التركية في المناطق الخاضعة للجماعات المسلحة التي تعمل لحسابها. لكن بدا خلال العام الفائت أن أنقرة تسعى لتصحيح سلوكها في الإقليم من خلال العودة إلى سياسة “صفر مشكلات”، بعدما أدركت أن سياساتها أدت إلى عزلة سياسية وأزمات اقتصادية، ما اضطرها إلى فتح صفحة جديدة مع الدول العربية، والسعي إلى مقاربة جديدة مع دمشق.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، جرت محادثات برعاية روسية على مستوى أمني بين البلدين، فيما كانت التقارير تتحدث عن خطوات أخرى على الطريق، أشار إليها أكثر من مسؤول تركي، بالحديث عن أهمية التواصل بين البلدين تحقيقاً للحل السياسي والاستقرار، وضمان وحدة الأراضي السورية.
ومن أجل الإبقاء على وتيرة التواصل وإعطائها المزيد من الزخم كان اجتماع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ووزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ونظيرهما السوري علي محمود عباس، الذي تناول مسائل في غاية الأهمية لها صلة مباشرة بالمطالب السورية، كما أنها تحقق أهدافاً أمنية تركية، مثل قضية اللاجئين السوريين في تركيا وضرورة اعادتهم إلى وطنهم، وإيجاد حل للجماعات المسلحة في الشمال السوري، خصوصاً في إدلب، إضافة إلى مواجهة الجماعات الإرهابية، ومن بينها “قوات قسد” التي توفر دعماً وملاذاً لحزب “العمال الكردي”.
يذكر أن جولات عدة من المحادثات أجراها الجانب الروسي مع قيادة “قسد”، كما جرت سلسلة من المفاوضات بين “قسد” والسلطات السورية فشلت كلها في اقناع هذا التنظيم بالتخلي عن “الإدارة الذاتية”، والالتحاق بالجيش السوري، وفك تحالفه مع الولايات المتحدة لتسهيل عودة مناطق شمال شرق سوريا إلى كنف الدولة، والحؤول دون تنفيذ تركيا تهديداتها باجتياح المنطقة.
وتمكن الجانبان، السوري والتركي، من التوصل لاتفاق على نقاط مشتركة أساسية توفر الأرضية المناسبة للارتقاء بالمحادثات إلى مستوى أرفع، وهو الانتقال من المستوى الأمني – العسكري، إلى المستوى السياسي، كمرحلة أخيرة، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي دعا لعقد اجتماع ثلاثي مع نظيريه السوري فيصل المقداد، والروسي سيرغي لافروف، في النصف الثاني من الشهر الجاري، وهو ما تعمل عليه موسكو الآن.. وبعد ذلك، وفي حال نجاح المحادثات، تعقد قمة بين رئيسي البلدين.
المصدر: صحيفة الخليج