الرئيسية / مقالات رأي / خريطة طريق لبنانية

خريطة طريق لبنانية

الشرق اليوم– لا يزال لبنان يعيش حالة من الفوضى والتخبط والضياع، كانت قد بدأت قبل دخول البلاد مرحلة الشغور الرئاسي واستمرت بعدها من دون أن تتبلور في الأفق أي مبادرة حقيقية لإنهاء هذه الحالة الشاذة والانطلاق نحو معالجة سلسلة الأزمات والانهيارات، التي وضعت البلاد أمام خيارين: إما النهوض أو المزيد من التدهور والانهيار والذهاب إلى ما لا تحمد عقباه.

من المؤكد أن لا أحد في لبنان يريد الذهاب إلى خيار الخراب والدمار، إذ يكفي ما شهدته البلاد من أزمات وانهيارات متتالية، في السنوات الأخيرة، ويكفي ما تحمله اللبنانيون فوق طاقتهم، وبالتالي فإن خيار النهوض يصبح ممراً إلزامياً لجميع اللبنانيين، حتى وإن كانت المصالح المتضاربة وإرث المحاصصة الطائفية لا تزال تتسيد المشهد المؤلم والقاسي في البلاد. لكن هذا الخيار الأخير يحتاج قبل كل شيء إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة للسير قدماً في عملية الإصلاح التي هي ضرورة داخلية أكثر مما ينتظرها المجتمع الدولي لتقديم المساعدات الموعودة. صحيح أن البرلمان اللبناني أخفق في انتخاب رئيس جديد حتى الآن، وأن محاولات عقد حوار وطني فشلت بدورها، لكن ذلك لا ينفي وجود حراك سياسي نشط في الآونة الأخيرة.

هذا الحراك جاء على خلفية عوامل داخلية وخارجية، يتقدمها إدراك جميع الفرقاء السياسيين أنه لا يمكن لأي فريق أن يفرض مرشحه على الآخر، بفعل التوازنات السياسية التي أحدثتها الانتخابات التشريعية في مايو الماضي، ثم الضغوط الخارجية والمخاوف من حدوث توافقات إقليمية ودولية تفرض على الجميع مرشحاً بعينه، وعندها لن يكون بمقدور أي فريق تحمل مسؤولية العرقلة.

وبالتالي فإن الحراك الدائر حالياً يستهدف استباق الضغوط التي تم التلويح بها على شكل مبادرات قد تطرح مع مطلع العام الجديد، والتنازل عن سقوف الرفض والكيدية السياسية، عبر فتح باب الحوار، ولو تكتيكياً، بين بعض الأطراف السياسية، حتى وإن لم يكن شاملاً، لنفي أي اتهامات بالعرقلة والتعطيل، واستكشاف آفاق ما هو ممكن وما هو غير ممكن تجاه إمكانية التوافق على مرشح للرئاسة، وإن كان هناك من يراهن على أن هذه الضغوط قد تصب في صالحه.

لكن الأهم هو ما يتسرب عن مضمون هذا الحراك، وما يرسله كل طرف من رسائل إلى الطرف الآخر، فالبعض يفضل التوافق على مرشح رئاسي ثم تأتي الخطوات التالية تباعاً، بينما يحاول البعض الآخر التوصل إلى توافق حول “سلة” متكاملة تشمل انتخاب رئيس للجمهورية ومشروع هذا الرئيس الجديد، وكذلك التفاهم حول رئيس الحكومة المقبلة والحقائب والوزراء، بحيث تكون الحكومة الجديدة قادرة على التناغم مع الرئيس الجديد وتنفيذ مشروعه السياسي دون عقبات سعياً لإخراج البلاد من الأزمات الغارقة فيها.

لكن أياً تكن أهداف هذا الحراك، فإن لبنان بحاجة إلى خارطة طريق تفضي إلى انتخاب رئيس جديد مقبول وطنياً وقادر على الحفاظ على وحدة لبنان وعروبته وسيادته واستقلاله، وبناء أفضل العلاقات مع محيطه العربي والإقليمي والدولي.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …