الرئيسية / مقالات رأي / بين فلاديمير وفلوديمير

بين فلاديمير وفلوديمير

الشرق اليوم- قد تتشابه الأسماء، لكن تختلف السمات والممارسات. وفي حالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، فالاختلاف بينهما في الاسم الأول لكليهما هو بين “الألف” و”الواو”، لكن ما عدا ذلك فكل شيء مختلف.

ويقول عالم النفس في جامعة أريزونا الأمريكية ديفيد تسو الذي يجري دراسة حول ما يُعرف بعلم النفس المتعلق بالأسماء أن “الاسم يشكل ركيزة أساسية للغاية للتصور الذي يكوّنه المرء عن ذاته”.

في حالة الرئيس الروسي “فلاديمير”، فهو خرج من عباءة المخابرات السوفييتية (كي جي بي)، ليعمل بعد تخرجه من كلية الحقوق في قسم المخابرات العامة بألمانيا الشرقية، بسبب إتقانه للغة الألمانية، وتمت ترقيته مرات عدة، وعرف بقدرته على قراءة الناس، والتحكم فيهم، وعدم تأثره بالعنف، وهي صفات مهمة لمن يريد الوصول إلى القمة، وبعد سقوط حائط برلين، عاد إلى الجامعة، لتحضير دراسة الدكتوراه، وفي تلك الأثناء عمل سائق “تاكسي”، كي يعيل نفسه وعائلته، إلى أن جاءه الحظ، ليختاره الرئيس بوريس يلتسين رئيساً للوزراء، ثم ارتقى درجات السلطة، ليصبح زعيماً للكرملين.

الصورة التي ترسمها وسائل الإعلام الروسية تظهره قوياً، وشديد البأس، يمارس رياضة الجودو وركوب الخيل.

تؤكد شخصية بوتين القدرة على السيطرة والطموح والحزم، ويهتم بالقوة التي تميل إلى العناد، ويتمسك بمعتقداته تجاه بلاده التي يجب أن تعود وتأخذ دورها الإمبراطوري؛ لذلك هو يتحدث دائماً عن قوة بلاده النووية، لكنه في الوقت نفسه، ومن موقع ثقته بنفسه، فإنه “برغماتي” يميل إلى تحقيق أهدافه من خلال الحوار إذا أمكن، كما هي الحال في حربه مع أوكرانيا.

في الجانب الآخر، المتعلق بشخصية “فلوديمير” زيلينسكي، أول ما تتراءى إلى الذهن شخصية الممثل الكوميدي الساخر الذي مارس السياسة من خلال المسرح، وكان يحظى بشعبية كبيرة، خصوصاً بعد أن أدى دور “خادم الشعب” في أحد المسلسلات التلفزيونية.. ثم أصبح رئيساً لأوكرانيا في عام 2019.

هذا المسلسل الذي لعب فيه دور مدرس التاريخ الذي يستخدم ألفاظاً نابية، حمل اسم الحزب الذي أسسه، واستخدمه لنشر نهجه السياسي الذي يدعو إلى محاربة الفساد، وتطهير الحياة السياسية.

تبدو حياته الشخصية بسيطة، يرتدي “الكاجيوال” معظم الأحيان، ونادراً ما شوهد وهو يرتدي الثياب الرسمية، ويميل إلى العلاقات الاجتماعية والتواصل مع الناس.

بعد استعادة روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014، بدأت ميوله السياسية أكثر وضوحاً، في عدائه الصريح لروسيا، وبرز ذلك بعد انتخابه رئيساً؛ إذ عدّ بلاده جزءاً من المنظومة الغربية، فسعى إلى الانضمام لحلف “الناتو” والاتحاد الأوروبي في محاولة منه لمواجهة روسيا، الأمر الذي عدّته الأخيرة محاولة لتهديد أمنها القومي، ما أشعل فتيل الحرب مع الدولة التي كانت يوماً جزءاً من الاتحاد السوفييتي.

يبدو أن زيلينسكي الذي عاد، أخيراً، من واشنطن بعد اجتماعه مع الرئيس بايدن، جاء محملاً بآمال تحقيق النصر؛ إذ أعلن تمسكه بالحرب، وتعهد ب”صنع معجزة”، فيما أعلن بوتين “الاستعداد للتفاوض مع الآخرين الذين يرفضون التفاوض معنا”.

نحن أمام شخصيتين تحملان اسمين متشابهين، لكنهما يختلفان تماماً في الأهداف والتطلعات.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …