بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- تتأرجح العلاقات الصينية الأمريكية بين التوتر والتهدئة، بين العقوبات والسعي إلى التعاون، إذ من الواضح أن هذه العلاقات غالباً ما يسودها الاضطراب وعدم الاستقرار وفق ما تقتضيه مصالح كلا الطرفين.
في أحدث التطورات على هذا الصعيد، طلب وزير الخارجية الصيني وانع يي من نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن في اتصال هاتفي جرى مؤخراً، أن تتوقف واشنطن عن انتهاج ما سماه سلوكها القديم في “التنمر الأحادي الجانب”، والإمعان في تحدي خطوط الصين الحمر من خلال “التكتيكات المرحلية”، في إشارة إلى طريقة استخدام سلسلة من التحركات الصغيرة، لتحقيق نتائج أكبر سيكون من الصعب تحقيقها بتحرك كبير واحد.
وطالب الولايات المتحدة بأن تأخذ المخاوف المشروعة لبلاده على محمل الجد، والتوقف عن محاولات كبح تقدمها وتحجيم تطورها. ولفت الوزير الصيني إلى أن الجانبين يجب أن يركزا على تحويل التوافق الذي شهدته قمة بالي الأخيرة بين الرئيسين الصيني والأمريكي، على هامش اجتماع مجموعة العشرين، إلى سياسات عملية وتحركات ملموسة، والعمل على ضرورة حل الخلافات عبر مجموعات عمل مشتركة.
بهذا المعنى تعبّر الصين عن امتعاضها من السياسات الأمريكية التي لا تتوقف عن توجيه الانتقادات للأوضاع الداخلية فيها، تحت ستار حقوق الإنسان أو ما يتعلق بتداعيات كورونا وغيرها، لكن الأهم هو ما يتعلق بمشكلة تايوان التي تعتبرها الصين جزءاً لا يتجزأ من الوطن الأم، وصراع السيطرة على بحر الصين الجنوبي. وفي المجال الخارجي لا تكف واشنطن عن مطالبة بكين باتخاذ مواقف مشابهة لمواقف الغرب من العملية الروسية في أوكرانيا سعياً لفك عرى الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين روسيا والصين على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وبينما تطلب واشنطن مساعدة الصين في العمل على وقف التجارب الصاروخية الكورية الشمالية ودفع بيونغ يانغ إلى التفاوض حول برنامجها النووي، فإنها لم تتردد في عقد قمة أمريكية إفريقية لمواجهة ما تعتبره تزايد النفوذ الصيني والروسي في القارة السمراء، كما لم تستطع إخفاء انزعاجها من التقدم المطرد للعلاقات الصينية في الشرق الأوسط. وإذا استثنينا الحرب التجارية والعقوبات المستمرة منذ عهد إدارة ترامب، فإن السياسات الأمريكية تجاه الصين تحمل الشيء ونقيضه في آن، فهي تقوم، مثلاً، بتسليح تايوان، وترسل دبلوماسييها وكبار مسؤوليها إلى تايبه، وتحاصر بحر الصين الجنوبي بالتعزيزات والأحلاف العسكرية والأمنية، وفي نفس الوقت، تؤكد لبكين أنها لا تدعم استقلال تايوان وأنها لا تزال تعترف بمبدأ “الصين الواحدة”.
ربما هذا ما دفع الوزير الصيني إلى مخاطبة نظيره الأمريكي بالقول “لا يمكن للولايات المتحدة أن تسعى إلى الحوار والانخراط في الاحتواء والتحدث عن التعاون والطعن في نفس الوقت”، وشدد على أن سياسة الولايات المتحدة في ردع الصين هي “استراتيجية قديمة للترهيب.. لم تنجح في الماضي ولن تنجح في المستقبل. الصين ستواصل الدفاع بحزم عن سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية”. وهو ما يعني أن “التنمر” لا يمكن أن يكون بديلاً عن الدبلوماسية والحوار في نهاية المطاف.