الشرق اليوم- فيما يقضي ملايين البشر سنوياً من الجوع والفقر والمرض، فإن الدول الكبرى تتسابق على زيادة ميزانيات الحرب بمليارات الدولارات، وتضخ المليارات لإشعال الحروب التي تؤدي إلى كوارث بشرية تلتهم البشر والحجر.
تقول الأرقام إن عشر دول فقط ترصد أكثر من تريليوني دولار سنوياً لميزانياتها العسكرية، تتقدمها الولايات المتحدة ب 650 ملياراً و500 مليون دولار.
وفي مجرى الحرب الأوكرانية ضخت الدول الغربية حتى الآن مليارات الدولارات بهدف تمديد أجلها أطول فترة ممكنة، إذ ضخت الولايات المتحدة لوحدها حتى الآن 8.15 مليار دولار، فيما قدمت دول الاتحاد الأوروبي 3.1 مليار دولار، ووعدت بتقديم 1.46 مليار دولار العام المقبل.
هذا هو الوجه القبيح للحرب والسلاح، فماذا عن الوجه الإنساني المغيّب؟
تقول أرقام المنظمات الدولية الإنسانية إن عدد الجياع ارتفع إلى نحو 828 مليون شخص في العام 2021، أي بزيادة قدرها 46 مليون شخص على عام 2020. وفي العام الجاري أضيف إلى هذا العدد ما بين 75 و95 مليون شخص، بسبب الآثار المستمرة لجائحة كورونا والحرب الأوكرانية، وتصاعد معدلات التضخم.
أما عدد الفقراء في العالم فقد ارتفع إلى أكثر من 75 مليون شخص خلال العام الحالي فقط، وتفيد التقارير الدولية بأن الواقع الحالي يظهر أن 1.3 مليار شخص ما زالوا يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، نصفهم تقريباً من الأطفال والشباب، حتى لو حصل انتعاش اقتصادي وتوقفت الحرب الأوكرانية.
وتقول الأرقام الدولية أيضاً بأن الحرب الأوكرانية وغيرها من الصراعات والحروب رفعت عدد اللاجئين في العالم إلى 100 مليون شخص، وقد تسببت الحرب الأوكرانية وحدها في نزوح 8 ملايين شخص داخل البلاد هذا العام، وأجبرت نحو 6 ملايين على مغادرة البلاد.
أرقام صادمة ومقلقة لا شك، تظهر الفارق بين السخاء على السلاح وإثارة الحروب وهما من أسباب الصراعات السياسية والأمراض والكوارث البيئية وعدم المساواة والبخل في مكافحة الجوع والفقر.
الحروب قائمة وتداعياتها مدمرة، والتهويل بما هو أسوأ وأخطر على البشرية يتواصل، وتكديس السلاح على أشده، فيما العمل على بناء السلام والاستثمار فيه من أجل مستقبل البشرية شبه معدوم.
البشرية تحتاج إلى شيء من التضامن الإنساني والعمل الأخلاقي والاجتماعي، والاستجابة للنداءات الدولية، بالمشاركة في تحقيق نظام عدالة دولية يخفف من المعاناة الإنسانية المتفاقمة، بتقليص ميزانيات الدفاع وشراء الأسلحة وإثارة الحروب، وزيادة المساعدات الإنسانية وبناء السلام ومنع الصراعات.
إن جزءاً من الأموال التي تنفق على السلاح والحروب يمكن أن ينقذ ملايين الجياع والفقراء والمرضى، ويكسو ملايين الأطفال والنساء والرجال الذين يقهرهم البرد أو تحرقهم أشعة الشمس، ويفتح آلاف المدارس والمستشفيات.. لكنها الطبيعة البشرية التي لا تزال رهينة القوة والطمع والتوسع والسيطرة.