بقلم: رشاد أبو داود – صحيفة البيان
الشرق اليوم- العالم ينتظر، يد على قلبه ويد على كبسة زر، أي زر يفتح على وسيلة إعلامية، محطة فضائية، موقع إخباري، أو حتى جهاز راديو. سؤال الانتظار: هل تحولت حرب روسيا وأوكرانيا إلى حرب نووية؟
الحرب التي دخلت شهرها العاشر لم تزل بين كر وفر، لا منتصر ولا مهزوم. ويبدو أنها ستستمر هكذا ما لم تستخدم موسكو السلاح النووي، أو يفاجئها الناتو بزعامة أمريكا بضربة استباقية نووية. حالياً إنها حرب استنزاف للطرفين الروسي والأوكراني وداعميه تسليحاً ومالياً، الأمريكيين والأوروبيين.وهؤلاء يراهنون على استنزاف روسيا اقتصادياً خاصة أنهم دخلوا الحرب من بوابة العقوبات الاقتصادية على روسيا، وما زالوا. كما يراهنون بدرجة أقل على “انقلاب” من الداخل على الرئيس بوتين أو التخلص منه بأية طريقة.
الروس يراهنون على صقيع الشتاء الذي لن يجمد أوكرانيا وحسب بل دول أوروبا. لذلك فإن القصف الجوي والصاروخي الروسي يتركز الآن على منشآت الطاقة. وقد أصبح أكثر من عشرة ملايين شخص في العاصمة كييف وخمسمائة بلدة أوكرانية في الجنوب والشرق بلا كهرباء حسب الرئيس زيلنسكي ومسؤولين أوكرانيين آخرين.
ولا تخفي موسكو هدفها في استهداف منشآت الطاقة حيث أجاب الرئيس بوتين حين سئل عن ذلك بقوله “نعم نحن نفعل ذلك، لكن من بدأ أولاً؟” مشيراً إلى قصف أوكراني أدى إلى انفجار ألحق أضراراً بجسر القرم وهجمات أخرى. وأكد في نفس الوقت أن خطر الحرب النووية “يتصاعد” وأن روسيا تمتلك أسلحة متطورة لكنها أسلحة دفاعية عندما يتم ضربنا سنقوم بالرد، حسب تعبيره.
واضح أن بوتين، المغرم بقراءة التاريخ، أنه يراهن على الجنرال ثلج ليهزم الجيش الأوكراني وحلف الناتو. يقول التاريخ إنه في حرب القرن التاسع عشر، كانت نتيجة سيطرة نابليون على موسكو هي الانسحاب والاستسلام وهو أمر غريب بالنسبة لنابليون الذي غزا معظم أوروبا وفرض سيطرته على عواصمها، ولكنه عندما غزا روسيا في عام 1812 تقدمت جيوشه في السهوب وهزمت القوات الروسية في معركة بورودينو.
كما انتصر على الروس في معارك أخرى واحتل موسكو، وهناك انتظر القيصر ألكسندر الأول ليطلب منه شروطه، دخل نابليون موسكو ليجدها خالية من مواطنيها وأحرق الكثير منها خلال فترة احتلاله القصيرة للعاصمة واضطر للانسحاب بسبب عدم عثوره على مأوى مناسب لجيشه وعدم استسلام القيصر.
حين بدأ الثلج بالتساقط في أكتوبر، تسبب البرد القارس بموت الخيول وتجمد رجال جيشه حتى الموت وهم نائمون في الثلج، حيث تحول انسحابه هذا لهزيمة كبيرة، كما قتل عدد كبير من قواته وقضى حوالي 380 ألف جندي من جيشه الكبير. معظمهم ماتوا بسبب الطقس الروسي البارد، كانوا ضعفاء للغاية في ظل عدم وجود الطعام. وهكذا دمر الطقس جيش نابليون أحد أكبر جيوش التاريخ.
لكن ماذا بعد أن يذوب الثلج؟
ليس كما يقول المثل “بكرا بيذوب الثلج ويبان المرج” بل ما سيظهر هو الوحل وتدفق الأنهار. وتبقى الأرض صالحة لسير الآليات لكن حركة الجيوش تصبح مقيدة بالطرق المعبدة ما يجعلها هدفاً سهلاً للعدو. وهذا يعني أن الحرب لا تتوقف. فهل خطط الروس لمرحلة ما بعد ذوبان الثلج؟
موسكو تلمح إلى أن الحرب ستطول وكذلك واشنطن. طبعاً لكل منهما مغزى وهدف. فالأولى تظهر استعدادها لتحمل تبعات الحرب عسكرياً واقتصادياً وداخلياً.
والثانية تخطط لاستمرار الحرب حتى 2025 أي طيلة بقاء الرئيس بايدن في الحكم وإجراء الانتخابات الرئاسية في الشهر قبل الأخير من 2024 خاصة أن أمريكا الأقل تضرراً من الحرب من الحلفاء الأوروبيين الذين سيكونون لقمة سائغة للروس إذا ما قرروا استخدام السلاح النووي.
إضافة إلى ما تعانيه شعوب أوروبا من تبعات الحرب ومن ضمنها غلاء الأسعار وطبعاً البرد الشديد. ومؤخراً وعدت إدارة بايدن بمساعدات مالية لأوكرانيا في العام المقبل 2023 لتضاف إلى الـ15 ملياراً التي قدمتها لها منذ بداية الحرب.
كل السيناريوهات مطروحة في مسارات ومآلات الحرب في أوكرانيا بما فيها دور الجنرال ثلج ما عدا أن تنتهي قريباً!!