الرئيسية / مقالات رأي / استهداف للأمم المتحدة

استهداف للأمم المتحدة

الشرق اليوم– بعد يوم من مقتل جندي إيرلندي ينتمي إلى قوة “يونيفيل”، في حادث قيد التحقيق في جنوب لبنان، قتل نيجيريان من أفراد شرطة بعثة الأمم المتحدة في مالي، أحدهما امرأة، في هجوم إرهابي ليس الأول من نوعه في هذا البلد الإفريقي، ولكنه يقدم دليلاً إضافياً على حجم التهديدات والمخاطر التي تواجه قوات الأمم المتحدة في مناطق النزاعات.

استهداف قوات حفظ السلام، ذات القبعات الزرق، استهداف للإرادة الدولية الجماعية الرامية إلى تحقيق الاستقرار وإحلال الأمن في دول طالما عانت الحروب والفتن والإرهاب، مثلما هو الحال في مالي التي تعيش منذ سنوات تحت تهديدات المتطرفين. ومن أجل حماية المدنيين والمساعدة على استقرار السكان، نشرت الأمم المتحدة نحو 13 ألف فرد من قواتها من جنسيات مختلفة، لقي عدد منهم حتفهم طوال السنوات والأشهر الماضية، لكن المنظمة الدولية تبدي تصميماً كبيراً على أداء مهمتها السامية وتواجه في سبيل ذلك تحديات كبيرة.

في سياق إدانته لهذه الاعتداءات، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس استهداف قوات حفظ السلام بمثابة “جرائم حرب” لكن ملاحقة الجناة ومحاسبة القتلة تتطلبان استراتيجيات موحدة وإجراءات للردع، تقوم أساساً على توسيع العمل المتعدد الأطراف، ودفع مختلف الدول، ولاسيما الكبرى منها، إلى الانخراط في الجهد الأممي من أجل أن تتحقق الأهداف المشتركة لصالح الجميع وخدمة للسلام العالمي الذي يمر بمرحلة حرجة، وقد يتدهور الوضع أكثر بالنظر إلى كثير من المستجدات والتطورات.

ورغم التباين والخلافات وتضارب المصالح بين بعض الدول، إلا أن هناك إجماعاً حول الأمم المتحدة وحرصاً على دورها في حماية القانون الدولي والتصدي للانتهاكات، رغم أن هذه المنظمة الدولية باتت بحاجة إلى الإصلاح، ولاسيما مجلس الأمن الذي يفتقد إلى العدالة في التمثيل بين أعضائه، ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية مازالت العقلية ذاتها سائدة وتتحكم فيها خمس دول دائمة العضوية، رغم أن المنطق يفرض أن التغيرات العالمية وظهور قوى جديدة يتطلبان المراجعة.

فالقارة الإفريقية، التي تحوز أغلب مشاكل العالم، لا تجد لها تمثيلاً دائماً ولا دوراً في صنع القرار العالمي. ومنذ أكثر من نصف قرن مازالت تلك القارة تعيش على الوعود، حتى ازداد وضعها سوءاً. وبسبب ما تعيشه من صراعات وحروب، باتت تضم أكبر عدد من قوات حفظ السلام الأممية، من مالي إلى السودان إلى الصومال وإفريقيا الوسطى، وغيرها، ومع ذلك لم تنته الصراعات ولم يعد السلام المأمول.

على مر العقود قدمت قوات الأمم المتحدة قوافل من الضحايا، رغم أنها في عقيدتها ليست قتالية وانتشارها هدفه الفصل بين المتحاربين ومراقبة الهدنات، وعندما تصبح هذه القوات في مرمى النيران، يصبح الوضع مختلفاً، ويتطلب من المجتمع الدولي مقاربة جديدة لوقف هذه الاعتداءات وردع المجرمين، وحماية هذه المنظمة الدولية، التي تظل رغم عيوبها، ضرورية لحماية السلم الدولي ومنع الانزلاق إلى ما هو أخطر.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …