الشرق اليوم– كشف هجوم تنظيم “داعش – خراسان” على أحد فنادق العاصمة الأفغانية، كابول، الذي يرتاده رجال الأعمال الصينيون، عن هشاشة الوضع الأمني في أفغانستان، وضعف حركة طالبان التي استولت على السلطة في أغسطس/آب الماضي في الإمساك بالوضع الأمني، وفرض الاستقرار، وعدم قدرتها، حتى الآن، على خوض مواجهة حاسمة مع تنظيم “داعش” الذي بات يشكل تحدياً فعلياً لسلطتها.
من الواضح أن “داعش” الإرهابي يتوسع، ويتحول من تنظيم صغير يقتصر وجوده على إقليم ننكرهار في الشرق، إلى تنظيم بات يتواجد في معظم المناطق الأفغانية، وخصوصاً في العاصمة التي شن فيها سلسلة هجمات، استهدفت السفارة الروسية في سبتمبر/أيلول الماضي، كما شن عناصره هجوماً خلال الشهر الحالي على السفارة الباكستانية، وعدّته باكستان “محاولة لاغتيال السفير”.
هذه الهجمات التي تستهدف البعثات الدبلوماسية، يقصد منها تفريغ كابول من أي وجود دبلوماسي أجنبي، وعدم تشجيع أي دولة على إقامة علاقات مع الحكومة الحالية، وإبقاء البلاد في حالة عدم استقرار، خصوصاً أن “داعش” كثف هجماته الداخلية خلال الأشهر القليلة الماضية؛ حيث استهدفت العديد من المدارس والمساجد والمقار الحكومية.
يحاول “داعش” بث حالة من الخوف والرعب داخل أفغانستان، وتقويض سلطة طالبان في نهاية الأمر؛ إذ إنه يعتمد أيديولوجية دينية أكثر تطرفاً وتشدداً من طالبان، ويدعو إلى إقامة “دولة الخلافة” على غرار ما سعى إليه في سوريا والعراق؛ حيث انهارت دولة خلافته المزعومة التي أقامها أبو بكر البغدادي في يونيو/حزيران 2014.
على الرغم من حملات الملاحقة والمطاردة التي قامت بها طالبان خلال الأشهر الأخيرة ضد تنظيم “داعش”، فإنها لم تتمكن من استئصال هذا التنظيم؛ بل يبدو أنه بات عصياً وأكثر قوة، لأنه تحول من جماعة إرهابية صغيرة إلى جماعة إرهابية منظمة قادرة على التحرك والانتشار والقيام بأعمال إرهابية مؤثرة.
كانت تقارير الأمم المتحدة تقدر عدد مقاتلي “داعش” بأربعة آلاف عنصر، لكن هذا الرقم يبدو متواضعاً، قياساً بحجم وعدد العمليات الإرهابية واتساع مداها الجغرافي؛ لذا يجب عدم النظر إلى هذا التنظيم، نظرة ساذجة ومبسطة، وأن مساحة عمله تقتصر على أفغانستان، خصوصاً أن له امتدادات خارجية مع التنظيمات الإرهابية الأخرى المماثلة التي تلتقي معه في العقيدة والتوجه الديني.
لهذا السبب، فإن الصين التي لها حدود مع أفغانستان بطول 76 كيلومتراً، تخشى أن يتمدد الإرهاب إلى داخل حدودها، كما تبدي باكستان خشية مماثلة من أن يؤدي تصاعد عمليات “داعش” أفغانستان، إلى ارتفاع تحركات “داعش” باكستان، كذلك فإن روسيا ودول وسط آسيا لديها مخاوف مماثلة من تنامي نفوذ الجماعات الإرهابية على أراضيها من داخل أفغانستان.
المصدر: صحيفة الخليج