الشرق اليوم- فيما تكاد الحرب الأوكرانية تختتم شهرها التاسع لتدخل شهرها العاشر، فإن مؤشرات نهايتها تبدو متواضعة أو معدومة طالما أن كل الأطراف متمسكة بمواقفها. فروسيا ترى أن الأراضي التي استردتها هي جزء من أمنها ولن تتخلى عنها، وحلف الأطلسي مصمم على التوسع شرقاً ولا يقبل بالأمن المتبادل في القارة الأوروبية، وطالما أن الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي يرفض المفاوضات قبل أن تستعيد بلاده الأراضي التي احتلتها روسيا، مدعوماً بموقف غربي صريح يشجعه بالمال والسلاح للمضي قدماً في الحرب، رغم الدمار الهائل الذي أصاب بلاده على كل المستويات، الأمر الذي دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى اتهام الغرب بتحويل الشعب الأوكراني إلى “وقود لمهاجمة بلاده، والسعي إلى الحفاظ على هيمنته بأي وسيلة”.
حتى الآن لا يبدو أن الدول الغربية تشجع زيلينسكي على المفاوضات، رغم أن قرار استمرار الحرب أو وقفها بيده. وتقول موسكو “إن الحرب قد تنتهي غداً إذا رغب في ذلك”.
وسط هذه الاحتمالات السلبية لوضع حدٍ للحرب، هناك مؤشرات على جهود متواضعة لتمهيد الطريق أمام المفاوضات، لكنها حتى الآن لا ترتقي إلى المستوى الذي يعتدّ به للقول إن هناك ضوءاً في آخر النفق المظلم.
هناك اتصالات يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الأوكراني زيلينسكي، ومع قادة آخرين، كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يواصل اتصالاته مع الرئيسين الروسي والأوكراني، بهدف وضع أسس لاستعادة الثقة المفقودة بين الأطراف المتحاربة، قد يكون اقتراح الرئيس ماكرون بأن “هندسة الأمن في أوروبا يجب أن تشمل ضمانات أمنية لروسيا” هو المدخل الفعلي لاستعادة الثقة بين الطرفين، إذا أخذ قادة حلف الأطلسي الاقتراح على محمل الجد. ووفقاً للكاتب الأمريكي جاك باكبي بأن على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة “أن يأخذا مخاوف موسكو بعين الإعتبار عند صياغة نظام أمني جديد لأوروبا”، ويضيف: “قد يكون تخلي السويد وفنلندا عن فكرة الانضمام إلى الناتو أحد البنود الرئيسية لهيكلة الأمن المستقبلي”.
هناك عامل آخر قد يؤثر في موقف الدول الغربية إزاء استمرار الحرب ويدفعها للبحث عن حل سياسي، ذلك أن الأزمات التي تعيشها هذه الدول باتت تهدد الأمن الاجتماعي فيها جراء التضخم وارتفاع الأسعار ونقص إمدادات الوقود من نفط وغاز، وإضرابات باتت تشمل كافة قطاعات الإنتاج، إضافة إلى العجز في استمرار تقديم الدعم المالي والعسكري، كلها عوامل تعمل في صالح مساعي وقف الحرب.
لكن للوصول إلى هذا الهدف، المطلوب أن يقتنع قادة الدول الغربية بأن استمرار الحرب لن يؤدي إلا إلى المزيد من الدمار والخسائر، ويزيد من احتمالات المواجهة الأوسع، وبالتالي يضع العالم أمام احتمالات كارثية.
المصدر: صحيفة الخليج