بقلم: فيصل عابدون – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- أقدم قادة دول غرب إفريقيا على خطوة تثير الانتباه، بقرارهم تشكيل قوة عسكرية مشتركة، لحفظ السلام ومكافحة الإرهاب والانقلابات العسكرية في دول المنطقة. القرار جاء خلال اجتماعات قمة زعماء دول “إيكواس” في أبوجا منتصف الأسبوع الجاري.
والإثارة في إعلان هذه القوة، أنه يتم تكليفها بمكافحة الانقلابات العسكرية، وهي مهمة تبدو شاقة ومعقدة في ظروف القارة الحالية التي تشهد دولها موجات لا نهاية لها من تقلبات السلطة بين المدنيين والعسكريين، الأمر الذي يتسبب في تمزيق استقرار الدول والشعوب، ويفاقم المشكلات الاقتصادية واهتزازات الأمن السياسي والاجتماعي.
وخلال اجتماعهم الذي انعقد في العاصمة النيجيرية، أمهل قادة غرب إفريقيا حكومة مالي العسكرية حتى الأول من يناير/ كانون الثاني المقبل، للإفراج عن أكثر من أربعين عسكرياً من ساحل العاج، تحتجزهم حكومة مالي تحت طائلة التهديد بعقوبات جديدة على باماكو. وكان مصير هؤلاء الجنود في صلب أجندة اجتماع قمة أبوجا، بعدما تسبب احتجازهم في نشوب أزمة خطرة بين مالي وساحل العاج.
وتشكيل القوات العسكرية المشتركة ليس أمراً جديداً في دول إفريقيا. كما أن التنسيق العسكري بين الجيوش الإفريقية والدول الغربية كان وما يزال طابع التعاون الإفريقي – الإفريقي، والإفريقي الغربي ضمن جهود مكافحة الإرهاب وجماعاته، وطرق تمويله، علاوة على ملاحقة عصابات الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر.
فهناك قوات مشتركة مكونة من وحدات من جيوش دول الساحل الإفريقي تنشط بالفعل في جهود مكافحة جماعات التطرف العنيف على غرار مجموعات “داعش” و”القاعدة” و”بوكو حرام”. كما تشهد المنطقة تنسيقاً على مستوى التدريب والعمليات المشتركة وتبادل المعلومات الاستخبارية مع جيوش دول فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وغيرها.
ويشكل الانتشار الواسع للجماعات الإرهابية، وتزايد هجماتها المميتة ضد المدنيين في القرى والمدن الكبيرة مع تنامي أنشطة عصابات الاتجار في البشر والهجرة غير الشرعية، تحديات حقيقية للاستقرار والأمن في دول القارة، كما أنها تعكس تهديداً مماثلاً للأمن والسلام الدوليين.
فهناك اتفاق بين الحكومات الإفريقية والشركاء من الدول الأجنبية على ضرورة المواجهة الأمنية والعسكرية، للقضاء على هذه التهديدات.
ويقول رئيس مفوضية “إيكواس” عمر توراي: إن قادة المجموعة “قرروا إعادة ضبط البنية الأمنية للدول الأعضاء”، موضحاً أنهم يصممون على إنشاء قوة إقليمية تتدخل عند الضرورة في قضايا مكافحة الإرهاب، وإعادة النظام الدستوري في الدول الأعضاء.
لكن إنشاء قوة عسكرية جديدة يناط بها منع أو مكافحة الانقلابات العسكرية يبدو شيئاً جديداً بالكامل؛ إذ إن مقاربة الكيانات السياسية الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي ومنظمة “إيكواس” إزاء الانقلابات العسكرية كانت وما تزال تلتزم بحدود ممارسة الضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية، لإقناع العسكريين الانقلابيين بإنهاء عمليات الاستيلاء على السلطة بالقوة، والعودة إلى المسار الديمقراطي.
وتطرح قضية التخلي عن هذا النهج السياسي أو تطويره باتجاه أكثر شمولاً وفاعلية، كما يقول قادة ال”إيكواس”، أسئلة عديدة تتعلق بمشروعية التدخل العسكري من جهة، والقدرة على توفير الموارد البشرية واللوجستية اللازمة لعمليات عسكرية من هذا النوع من جهة أخرى.