بقلم: د. شحاتة العربي
الشرق اليوم- نشر مركز “ستراتيجيكس” للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، تحليل سياسات، يتناول التحديات التي تواجه النظام الإيراني في ضوء التقارير المتداولة عن إصابة المرشد علي خامنئي بمرض “خطير”، بالتزامن مع ما تشهده مدن إيرانية عدة من احتجاجات تشتد حدتها مع مرور الأيام، ويبحث التحليل في دور المُرشد والكيفية التي قد يؤثر بها غيابه في ظل ما تعانيه البلاد من ظروف غير مواتية لأحداث كبرى.
أدناه نص المقال كما ورد في موقع المركز:
يشتد وقع الاحتجاجات التي تشهدها إيران إثر وفاة الشابة مهسا أميني منتصف سبتمبر الماضي، بعد توقيفها من جانب “شرطة الأخلاق”، حيث تتواصل المظاهرات والتجمعات المُناهضة للنظام في عدة مدن لا سيما في العاصمة طهران.
ويُمكن الدلالة على قلق النظام الإيراني المُتزايد من وقع الاحتجاجات في تصاعد خطاب المرشد الأعلى، علي خامنئي، إزاء الموقف منها، فبعد أن وصف وفاة الشابة الإيرانية في الثالث من أكتوبر، بأنه “حادثة مريرة” عاد في 26 نوفمبر ليُهدد المحتجين بالقول: “مثيرو الشغب سيدفعون ثمن أفعالهم وسيتم التعامل معهم دون شك”.
وتتزامن الاحتجاجات مع تقارير متواترة بشأن مرض المرشد الإيراني، وبحسب مصادر عدة فقد ألغى المُرشد جميع الاجتماعات وظهوره العلني، بعد حديث عن إجرائه لعملية جراحية بسبب انسداد في الأمعاء وإصابته بمرض “خطير”، قبل ظهوره في 17 سبتمبر لدحض تلك التقارير حول صحته، لكن حيث يبلغ المُرشد من العمر 83 عاماً، فإن النظام الإيراني يواجه العديد من التكنهات حول غياب الدور المركزي للمُرشد كأعلى سلطة دستورية في الدولة مستقبلاً، خاصة خلال الفترة الحالية في ظل ظروف غير مواتية بالنسبة إلى إيران من أكثر من زاوية:
أولاً: الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد بسبب العقوبات الدولية والأوضاع الاقتصادية في العالم، وهذا يجعل الشارع غير مستعد لتقبل أي “تلاعب” أو مخالفات في عملية اختيار خليفة خامنئي، ويمكن أن يؤدي أي انحراف إلى تأجيج كبير للشارع.
ثانياً: أن الشباب الإيراني الذي لم يشهد الثورة 1979 وارتباطه الضعيف بشعاراتها وأشخاصها وأطروحاتها، ربما ينظر إلى منصب المرشد على إنه خارج سياق العصر، خاصة أن المظاهرات التي شهدتها إيران منذ عام 2009 كلها رفعت شعارات مناوئة للمرشد وسلطاته المطلقة.
ثالثاً: أن إيران لم تخض تجربة خلافة المرشد سوى مرة واحدة في 1989 وحينها كانت شعارات الثورة لا تزال قوية وحاضرة في وجدان الشعب، كما كانت البلاد خارجة لتوها من حرب مدمرة مع العراق، وهذا جعل من السهل تمرير خلافة علي خامنئي للخميني على الرغم من افتقاره لشرط المرجعية، لكن الظروف الأن مختلفة بشكل كبير، وهذا يزيد من صعوبة الأمر بالنسبة إلى النظام الإيراني.
رابعاً: الحديث عن مرض المرشد واحتمالات غيابه في أي وقت، يأتي بينما تشهد البلاد حراكاً مناهضاً بشكل متواصل منذ ما عُرف بـ”الحركة الخضراء الإيرانية” في 2009، ومروراً بالاحتجاج على رفع أسعار الوقود عام 2019، وصولاً إلى الاحتجاجات الحالية بشأن وفاة مهسا أميني، وبذلك يُشير العديد من الخُبراء أن تواتر تلك الاحتجاجات علامة على تدني نسب قبول النظام لدى العامة.
وعلى الرغم من أن الدستور الإيراني يحدد آلية اختيار المرشد الجديد في حال غياب علي خامنئي وذلك عبر “مجلس الخبراء”، كما يحدد الشروط التي من المهم توافرها فيه، فإن غياب خامنئي سيمثل اختباراً غير مسبوق للنظام الإيراني في ظل المرحلة الراهنة.
المرشد.. أساس النظام الإيراني
المرشد ليست مجرد وظيفة عادية في النظام السياسي الإيراني القائم على فكرة “ولاية الفقيه”، وإنما هو جوهر هذا النظام وركنه القوي ومحور حركته ومركز الثقل الأساسي فيه، وهذا ما يتضح من السلطات الممنوحة له وفقاً للدستور؛ حيث إنه هو المسؤول عن تعيين السياسات العامة بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام، والقيادة العامة للقوات المسلحة، إعلان الحرب والسلام والنفير العام، نصب وعزل وقبول استقالة كل من: فقهاء مجلس صيانة الدستور، أعلى مسؤول في السلطة القضائية، رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، رئيس أركان القيادة المشتركة، القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية، القيادات العليا للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي، حل الاختلافات وتنظيم العلائق بين السلطات الثلاث، التصديق على تنصيب رئيس الجمهورية وعزله وفق شروط محددة، إضافة إلى العفو أو التخفيف من عقوبات المحكوم عليهم.
وتنبع هذه السلطات الكبيرة للمرشد الأعلى من فكرة أنه النائب عن الإمام الغائب والذي يحكم باسمه حتى عودته وفقاً لنظرية ولاية الفقيه التي جاء بها آية الله الخميني والذي اعتبر أن ولاية الفقيه هي ولاية إلهية، حيث يقول “إن الله جعل الرسول وليا للمؤمنين جميعا، ومن بعده كان الإمام وليا، ونفس هذه الولاية والحاكمية موجودة لدى الفقيه”.
وهذا يعني أن غيابه سيعني غياب محور النظام ورأسه المفكر والموجِه، وليس مجرد غياب لشخصية سياسية أخرى مهما كان مركز ثقلها بما في ذلك رئيس الجمهورية. كما أن غياب خامنئي لا يهم الإيرانيين فقط ولكنه يهم الشيعة المؤمنين بولاية الفقيه الإيرانية في العالم كله، وهؤلاء الذين يتخذون من خامنئي مرجعاً للتقليد في المنطقة والعالم.
انفجار خلافات النظام
يتولى المرشد الحالي موقعه منذ عام 1989، بعد وفاة الخميني، ما يعني أنه في هذا الموقع منذ نحو 33 عاماً، وهذا كرس من سيطرته وسطوته على النظام وقدرته على توجيهه وضبط تفاعلاته وصراعاته.
وعلى الرغم من أن خامنئي لم يكن يحمل رتبة “آية الله العظمى” الضرورية لتولي المنصب عند وفاة الخميني، حتى أنه تم تعديل الدستور وإسقاط شرط مرجعية التقليد في المرشد حتى يتمكن من خلافته، فإنه عمل على التغلب على افتقاده الكاريزما والمكانة الدينية والفقهية التي كان يمتلكها سلفه الخميني من خلال إحاطة نفسه بشبكة من المستشارين في مكتبه، فضلاً عن شبكة الممثلين الشخصيين في الحكومة والجيش والحرس الثوري وغيرها من مؤسسات الدولة والمجتمع الأخرى.
وهذا ما جعل من خامنئي صاحب القرار الأول في النظام مهما كانت هوية الرئيس الإيراني وما إذا كان إصلاحياً أو محافظاً.
فضلاً عن ذلك فقد استطاع خامنئي على مدى العقود الماضية أن يمنع انهيار النظام الإيراني من الداخل بسبب الخلافات العميقة بين قواه ومؤسساته وفصائله، من خلال دوره كحكم بين السلطات، وقدرته على التدخل في الوقت المناسب لترجيح كفة تيار على حساب التيار الاخر.
ولذلك فإن غيابه في أي وقت يمكن أن يؤدي إلى خلخلة داخل النظام وبروز خلافاته على السطح خاصة أن الأمر لا يتعلق فقط بالخلافات في المواقف والتوجهات السياسية وإنما يمتد إلى الصراع حول المصالح المالية والاقتصادية.
عدم الاتفاق على الخليفة
على الرغم من أن الحديث عن مرض المرشد الأعلى خامنئي، أثير أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، فلا يوجد حتى اليوم توافق حول خليفته. وعلى الرغم من التقارير العديدة التي تتحدث عن احتمالات خلافة مجتبى علي خامنئي لأبيه، وسعي الأب إلى إعداد مجتبي لهذا المنصب منذ سنوات من خلال تعزيز سلطاته داخل النظام، إلا أن افتقار مجتبي للخبرة السياسية والخوف من فكرة توريث المنصب وما يمكن أن تثيره من مشاكل واعتراضات على المستوى الإيراني، تمثل عقبات رئيسية أمام خلافة أبيه.
فضلا عن ذلك فإن هناك شخصيات أخرى منافسه لمجتبي مثل حسن الخميني حفيد آية الله الخميني، والرئيس السابق حسن روحاني ورئيس السلطة القضائية السابق صادق لاريجاني، وثمة من يشير كذلك إلى احتمالات تولي الموقع من قبل الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي الذي يعد مقرباً من المرشد وأحد رجاله المخلصين، خاصة مع التقارير التي تتحدث عن دعم الحرس الثوري له وهو ما عبر عن نفسه من خلال توقيع أربعة وعشرون من قادة الحرس الثوري الإيراني الحاليين والسابقين رسالة مفتوحة يشيدون فيها علنا برئيسي لخطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
والمشكلة التي تواجه النظام في إيران في حال غياب خامنئي هي أن الحرس الثوري يؤيد نجله مجتبى لخلافته في حين أن التيارات المعتدلة أو الإصلاحية تؤيد حسن الخميني أو حسن روحاني، وهذا من شأنه أن يخلق صراعاً قوياً داخل مؤسسات الحكم، خاصة أن الأمر يتعلق بشخص المتحكم في النظام والموجه لسياساته والمسيطر على مفاصله المالية والعسكرية والأمنية.
وفي ظل التحدي الذي تمثله المظاهرات الشعبية للنظام الإيراني، فإن هذا قد يدفعه إلى تحاشي انفجار هذه الخلافات بشأن خليفة المرشد الأعلى تفادياً لضعف النظام وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من انهياره.
تحدي ولاية الفقيه
ثمة جدل دائر منذ سنوات طويلة حول نظرية ولاية الفقيه التي تمثل أساس النظام الإيراني ويستمد منها المرشد الأعلى سلطاته، خاصة فيما يتعلق بحدود سلطات الولي الفقيه وطبيعته وهل هو فرد أم مؤسسة وهل دوره ديني أم سياسي أم الاثنين معاً، وغيرها من الأسئلة المعقدة.
وكان وجود خامنئي على مدى العقود الماضية عائقاً أمام تفجر هذا الجدل أو تجاوزه للخطوط الحمراء أو الخطرة، ولكن غيابه في أي وقت من شأنه أن يعيد الجدل بقوة حول ولاية الفقيه ويتيح الفرصة للإطروحات المضادة لها بالظهور ليس فقط خارج إيران وإنما داخلها كذلك. فهناك تيار داخل إيران يطلق عليه اسم تيار “المهدوية” وكان يمثله الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد ويؤمن بالعودة القريبة للمهدي وما يعنيه كذلك من تقليص لسلطات المرشد الذي ينحصر دوره في الحكم نيابة عنه، وفق المعتقد الشيعي الإثنا عشري. كما أن هناك بعض رجال الدين الشيعة الإيرانيين ممن يرون أن مصدر سلطات المرشد هو الشعب وليس الله، ومنهم حسين منتظري، الذي توفي في 2009.
إضافة لما سبق فإن هناك أطروحات عديدة طرحها فقهاء ومراجع شيعة حول ولاية الفقيه مخالفة لطبيعة ولاية الفقيه التي يقوم عليها النظام الإيراني، وخاصة المراجع الشيعية العربية، وهذه الأطروحات من المتوقع أن تبرز بقوة في حال غياب خامنئي ومنها: رؤية حوزة النجف بالعراق التي حصرت ولاية الفقيه في جباية الأخماس نيابة عن الإمام، إضافة إلى بعض الأمور الحسبية الأخرى دون السياسة، ونظرية “خلافة الأمة وإشراف المرجعية” التي قدمها آية الله محمد باقر الصدر وتقوم على رؤية جديدة بشأن العلاقة بين الفقيه والدولة من خلال ما اسماه الصدر “خط الخلافة وخط الشهادة” في المجتمع الإسلامي، ويمثل خط الخلافة الجانب الدنيوي الزمني وتمثله الأمة، فيما يمثل خط الشهادة الجانب الديني ويمثله الأنبياء والأئمة المعصومون والعلماء. ودعا الصدر إلى الفصل بين الخطين، وأكد عدم جواز توليهما من قبل شخص واحد لأنه لا يمكن أن تجتمع صفتا الخلافة والشهادة إلا في الأئمة المعصومين.
ومنذ استلام خامنئي لمنصب المرشد الأعلى، تزايد نفوذ الحرس الثوري الإيراني خصوصاً بعد الحرب مع العراق، حيث أصبح الحرس الثوري شريكاً في إدارة البلاد، وهو الذي سيكون صاحب الكلمة الأعلى في اختيار المرشد القادم، وهو ما سيوجه نظام الحكم الإيراني إلى حكم عسكري يديره الحرس الثوري.
اشتداد الصراع بين حوزتي النجف وقم
ثمة صراع تاريخي بين حوزتي النجف في العراق وقم في إيران حول حدود التأثير على الشيعة في العالم. وعلى الرغم من بروز حوزة قم بشكل كبير منذ عام 1979، وتراجع حوزة النجف لأسباب كثيرة، فإن هذه الأخيرة ظلت تحدياً لقم خاصة مع تبنيها لرؤية مخالفة حول ولاية الفقيه، كما سبقت الإشارة. ويعد المرجع الديني العراقي علي السيستاني أحد أهم المراجع الشيعية في العالم المنافسة لمرجعية قم لأنه لا يعترف بالولاية السياسية للولي الفقيه ويقصر دوره على الأمور الدينية فقط.
ويزيد من احتمالات الصراع بين مرجعتي قم والنجف في حال غياب خامنئي التحدي الذي أصبح يمثله رجل الدين العراقي مقتدى الصدر لمرجعية قم خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد بيان المرجع الشيعي كاظم الحائري في أغسطس 2022 والذي أعلن فيه اعتزال “مهام المرجعية” ودعوته انصار مقتدى الصدر إلى تقليد المرشد الإيراني علي خامنئي على الرغم من إنه، أي الحائري كان بمثابة وريث مرجعية آل الصدر. ويكون الحائري ببيانه هذا، قد صعّد الخلاف بين المرجعيتين، بإعلائه من شأن مرجعية قم على حساب مرجعية النجف.
وكان من اللافت في بيان مقتدى الصدر، الذي أعلن فيه اعتزال الحياة السياسية، إشارته إلى أنه “على الرغم من استقالة الحائري، فإن النجف الأشرف هي المقر الأكبر للمرجعية كما هو الحال دوماً”، ما يؤكد أن الصدر يستند إلى قوة مرجعية النجف في مواجهته إيران، وأنه يؤمن بتقدمها على مرجعية قم.
جوانب التأثير الداخلي والخارجي
الحديث عن مرض خامنئي يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على سياسة النظام الإيراني على المستويين الداخلي والخارجي من أكثر من ناحية كالاتي:
1- التشدد تجاه الاحتجاجات الشعبية: حيث ينظر الحرس الثوري إلى نفسه على أنه القوة المهيمنة في حال غياب خامنئي، ومن ثم فإنه يبدي تشدداً كبيرا ضد المظاهرات الشعبية التي يعتبرها موجهة إليه وإلى هيمنته المحتملة في إيران ما بعد خامنئي.
2- إدارة الخلافات حول الخلافة: من الممكن أن تتجه الفصائل الإيرانية بما فيها الحرس الثوري إلى العمل على إدارة خلافتها حول خلافة المرشد، حتى لا يؤدي الصدام إلى خسارة الجميع خاصة في ظل التظاهرات الشعبية.
3- تأجيل البت في القضايا الخارجية: الحديث عن مرض المرشد الأعلى يجعل مراكز السلطة في إيران غير قادرة أو راغبة في البت في القضايا الخارجية الرئيسية وفي مقدمتها الملف النووي، انتظاراً لما ستؤول إليه الأمور على مستوى القيادة، وربما هذا هو السبب في تجميد المفاوضات النووية وعدم تحمس طهران للتوصل إلى تفاهم مع القوى الدولية المعنية بإعادة إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
4- تجميد الملفات الإقليمية: بمعنى الحيلولة دون إيجاد حلول لهذه الملفات، كما هو الحال في لبنان واليمن على وجه الخصوص. وربما تصعيد الأوضاع في المنطقة، وذلك لحرف الانتباه عما يجري في الداخل الإيراني سواء على مستوى التظاهرات أو على مستوى الحراك داخل النظام سواء استعدادا لوفاة المرشد أو بعد حدوث الوفاة بالفعل.
في ضوء ما سبق؛ يمكن القول إن غياب خامنئي سوف يمثل أكبر تحد يواجه النظام الإيراني منذ غياب قائد الثورة آية الله الخميني في 1989، ولذلك فإن تجاوز النظام للاختبار سيكون بمثابة مؤشراً مهماً على قدرته في الصمود والاستمرار، في حين أن تعثره فيه ربما يكون مقدمة للأفول التدريجي له. وفي كل الأحوال فإن الحرس الثوري سوف يكون هو صاحب الكلمة الأعلى والأكثر تأثيرا في تحديد مسار النظام الإيراني خلال الفترة المقبلة، لأنه الطرف المهيمن على الاقتصاد والقوة العسكرية فضلاً عن وسائل الإعلام.