الشرق اليوم- أخطأ الغرب عندما ظن أن حربا بالمدفعية والدبابات لن تندلع في أوروبا مرة أخرى أبدا، مما دفعه إلى تقليص حجم مخزوناته من الأسلحة.
فعندما انهار الاتحاد السوفياتي في أواخر عام 1991 قطفت الدول الأوروبية “ثمار السلام”، وخفضت بشكل كبير ميزانياتها الدفاعية وجيوشها وترساناتها.
تأثير الحرب
لكن إثر بروز تنظيم القاعدة بعد قرابة عقد من تفكك الاتحاد السوفياتي أصبح “الإرهاب” هو الهدف، مما تطلب استثمارات عسكرية مختلفة وقوات أخف ووحدات يناط بها أداء مهام قتالية محدودة في دول أجنبية.
وأوضح تقرير من بروكسل أن انخراط حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) في حرب أفغانستان لمدى طويل من الزمن لا يمكن مقارنته إلى حد كبير بحرب برية في أوروبا تستخدم فيها المدفعية الثقيلة والدبابات، والتي اعتقدت جميع وزارات الدفاع تقريبا أنها لن تتكرر أبدا إلا أنها حدثت بالفعل.
غير أن حربا أوروبية من ذلك النوع التي كان يعتقد استحالة وقوعها اندلعت في أوكرانيا وباتت تستهلك المخزونات المتواضعة من المدفعية والذخيرة والدفاعات الجوية.
وحتى الولايات المتحدة القوية لديها مخزون محدود فقط من الأسلحة التي يريدها الأوكرانيون ويحتاجون إليها إلا أن واشنطن غير مستعدة لنقل الأسلحة الرئيسية من مناطق حساسة مثل تايوان وكوريا الجنوبية، حيث تواصل الصين اختبار قوتهما باستمرار.
العنصر الأساسي
الآن، وبعد 9 أشهر من الحرب فإن عدم استعداد الغرب كان عنصرا أساسيا أدى إلى “تدافع محموم” لتزويد أوكرانيا بما تحتاجه وسد النقص في مخزونات الناتو من السلاح أيضا.
ونظرا لأن طرفي الحرب يستنفدان أسلحتهما وذخائرهما بوتيرة لم نشهدها منذ الحرب العالمية الثانية أصبح التنافس للحفاظ على تدفق العتاد الحربي “مظهرا خطيرا” قد يكون عنصرا حاسما في حرب أوكرانيا.
من جانبهم، يصف مسؤولو الناتو كمية المدفعية المستخدمة في الحرب بالمذهلة، ففي أفغانستان يعتقد أن قوات الناتو ربما كانت تطلق 300 قذيفة مدفعية في اليوم، ولم يساورها أي قلق إزاء الدفاعات الجوية.
بالمقابل، فإن بمقدور أوكرانيا إطلاق آلاف القذائف يوميا، لكنها مع ذلك تظل بحاجة ماسة للدفاع الجوي لصد الصواريخ الروسية والطائرات المسيرة الإيرانية الصنع.
البحث عن معدات
وبالمقارنة، تنتج الولايات المتحدة 15 ألف طلقة كل شهر كما أفاد التقرير “ولذلك يسعى الغرب جاهدا للعثور على معدات وذخيرة نادرة بشكل متزايد من الحقبة السوفياتية يمكن لأوكرانيا استخدامها الآن، بما في ذلك صواريخ الدفاع الجوي من طراز “إس-300” (S-300) ودبابات “تي-72″ (T-72)، خاصة قذائف المدفعية”.
كما يحاول الغرب أيضا إيجاد منظومات بديلة -حتى لو كانت قديمة- لتحل محل مخزونات صواريخ الدفاع الجوي المتقلصة والباهظة الثمن وصواريخ “جافلين” الأميركية المضادة للدروع.
إمكانية الاستثمار
هناك مناقشات تدور بشأن إمكانية أن يستثمر حلف الناتو في المصانع القديمة في جمهوريات التشيك وسلوفاكيا وبلغاريا لإعادة تصنيع قذائف من الحقبة السوفياتية عياري 152 و122 مليمترا، لسد النقص في مخزونات أوكرانيا من الأسلحة المدفعية، والتي لا تزال مستودعاتها تحتفظ إلى حد كبير بهذه النوعية منذ الحقبة السوفياتية.
لكن دون ذلك عقبات لا تعد ولا تحصى مثل الحلول التي يجري اتباعها، فهناك مشكلة الضوابط القانونية على الصادرات التي تحكم ما إذا كان يمكن إرسال الأسلحة والذخيرة المبيعة لدولة إلى دولة ثالثة في حالة حرب، وهذا هو السبب الذي دفع السويسريين -بدعوى الحياد- إلى رفض السماح لألمانيا بالتصدير إلى أوكرانيا التي احتاجت إلى ذخيرة مضادة للطائرات من صنع بلادهم وبيعت إلى برلين.