الشرق اليوم- ساد اعتقاد أن الرئيسين الأمريكي جو بايدن، والصيني شي جي بينغ، استطاعا خلال القمة التي جمعتهما في بالي في إندونيسيا على هامش قمة العشرين قبل نحو أسبوعين أن يخفّفا من حدة الخلافات بين بلديهما، والحؤول دون مزيد من التصعيد في إطار السعي إلى إبقاء التنافس في إطاره السلمي من دون أن يتحوّل إلى صراع مكشوف
هذا الاعتقاد استند إلى التصريحات التي صدرت عنهما بعد الاجتماع الذي استغرق أكثر من ثلاث ساعات، وأوحت بأنهما تمكّنا من إرساء قاعدة للحوار والتفاهم، حيث أكد الرئيس الأمريكي ضرورة “العمل على التنسيق والحوار بشكل مفتوح وشفاف في ما يخدم مصالحنا ومصالح العالم”، بينما شدد الرئيس الصيني على استعداد بلاده “لإجراء حوار صريح لبحث العلاقات الاستراتيجية المهمة بين بلدينا، وكذلك العلاقات الدولية”. وأشار إلى ضرورة “المحافظة دائماً على الاتصالات المفتوحة بيننا، لكن ذلك لا يمكن أن يعوض اللقاءات المباشرة بيننا”.
وعلى الرغم من اعترافهما بأن العلاقات بين بلديهما وصلت إلى “مرحلة حرجة” ووجود “خطوط حمر” بينهما، فإن القمة المباشرة بين الزعيمين كان يفترض أن تؤدي إلى التهدئة، والعمل على إدارة التنافس بينهما بطريقة لا تزيد الأمور سوءاً، لكن ما حصل بعد ذلك من تطورات بدّد هذا التفاؤل، وأعاد الأمور إلى سابق عهدها على ما يبدو، نتيجة حسابات سياسية داخلية للإدارة الأمريكية لها علاقة بنتائج الانتخابات النصفية الأخيرة، والخوف من أن يؤدي السعي للتهدئة مع الصين إلى استثمار الحزب الجمهوري ذلك في معاركه الداخلية، والإيحاء بأن إدارة بايدن رضخت للضغوط الصينية.
إدارة بايدن تأخذ ذلك في حساباتها، وتحاول أن تبدو أكثر صرامة مع الصين، على الرغم مما تم الاتفاق عليه في قمة بالي بتأكيد نقل العلاقات إلى مسار مستقر، وعدم السعي إلى حرب باردة جديدة أو تنشيط التحالفات ضد الصين.
إن إعلان واشنطن حظر المعدات وخدمات الاتصالات التي تقدّمها خمس شركات تكنولوجيا صينية من بينها “هواوي” و”زد تي إي”، وإعادة النظر في التراخيص التي سبق أن منحتها لاستيراد تكنولوجيا معلومات من الصين باعتبارها “تهدّد الأمن القومي الأمريكي”، يشكل في مضمونه واستهدافاته، تقويضاً لمسار العلاقات الثنائية المفترض بعد قمة بالي.
الولايات المتحدة ترى أن الصين تجمع في سياستها بين التكنولوجيا والمعدات والأهداف العسكرية، وأنها تستخدم تقنياتها من أجل التجسس، ما يجعلها قادرة على معرفة كل البيانات الأمريكية واستخدامها ضدها.
بكين سارعت إلى نفي الاتهامات الأمريكية، وأكدت أنها لا تمارس التجسس، وأن واشنطن تمارس “القمع” ضد الشركات الصينية. وقال رئيس الجمعية الصينية للدراسات إن “الولايات المتحدة من أقوى دول العالم”، ولكن من خلال مقاربتها غير العادلة التي تمنع التجارة التنافسية، “تعطي مؤشراً على الضعف وليس على القوة، ولذلك تعمل على منع معدات صينية رخيصة السعر، ولكنها موثوق بها بعد اختبارها من مختلف دول العالم”.
يبدو أن العلاقات الأمريكية الصينية تعود إلى ما قبل قمة بالي.
المصدر: صحيفة الخليج