بقلم: هيلة المشوح – صحيفة الاتحاد
الشرق اليوم- في صورة نشرتها الرئاسة التركية قبل أيام يظهر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، يتوسطهما الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، على هامش افتتاح البطولة العالمية لكرة القدم 2022. كان للصورة أصداء كبيرة على الصعيد السياسي، كحدث لا يقل أهميةً عن الحدث الكروي العالمي نفسه.
فالصورة تُبرز مصافحةً تاريخيةً ودية بين الزعيمين وابتسامات تُنبئ بمستقبل مختلف بين البلدين وبإرادة سياسية واضحة لمفاوضات أكثر شموليةً، كما تشير إلى معانٍ كثيرة أهمها سقوط ورقة جماعة “الإخوان” في خريف سياسي “إخواني” تتقاذفه المفاجآت والتحولات. اللقاء الذي تم بين الرئيس المصري ونظيره التركي في قطر، لقاءٌ مهمٌ في إكمال منظومة تحالف هام في المنطقة، لفتح آفاق جديدة من علاقات التعاون في مجالات عدة، أهمها على الإطلاق مجال أمن المنطقة وتحجيم دور “الإخوان” وإنهاء عبثهم، ومن ثم فتح الملف الليبي وملف شرق المتوسط، في بيئة تفاوضية باتت أكثر تقارباً واستقراراً من ذي قبل.
وهذا ما تم تأكيده من قبل المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي. حيث أشار إلى اتفاق الزعيمين على عمق الروابط التاريخية بين مصر وتركيا، والاتفاق على بدايةٍ لتطوير العلاقات الثنائية بينهما. وفي المقابل صرح الرئيس التركي بأنه يطمح لاستئناف المحادثات مع الجانب المصري على مستويات أعلى.
وهذه التصريحات في واقع الأمر تمثل مؤشراً كبيراً على تطور سياسي في العلاقات التي مرت بفترات من الركود منذ عام 2013. ورقة “الإخوان” لم تعد ذات أهمية في العلاقات السياسية والتحالفات الإقليمية التي تتشكل بصورة إيجابية هذا العام، وجماعة “الإخوان” تمر اليوم بأسوأ مراحلها السياسية، إذ تواجه منزلقاتٍ وانقساماتٍ ومشاكل داخلية وخارجية تحاصرها من كل جانب، فمن جهة هي محاصرة بانشقاقات خلّفها إبراهيم منير -نائب المرشد العام للجماعة سابقاً- الذي كان يتزعم جبهة لندن قبل وفاته بداية هذا الشهر، مقابل “جبهة محمود حسين” التي تدور في إطار مطالب تعتبرها كل جبهة تهميشاً لوجودها وإسقاطاً لكيانها.. ليستمر هذا الصراع ويتفاقم حتى الساعة. ومن جهة أخرى فالجماعة محاصرة بتحديات خارجية تكمن في تجدد التحالفات وتطبيع العلاقات التي أفضت إلى تحولات سياسية شملت إجراءات تركية قوية لوقف قنوات الجماعة وأبواقها الدعائية، وخروج عدد من قيادات “الإخوان” من تركيا إلى دول أخرى.
فالتقارب الخليجي التركي شكّل صفعةً كبيرةً على وجه “الإخوان”، ناهيك عن التقارب المصري التركي الذي سوف يكون بمثابة تأبين لحزب الجماعة على المستوى القريب وليس البعيد في حال تم الاتفاق على الملفات الأكثر تعقيداً في ليبيا وقبرص واليونان.
وبشكل عام فـ”الإخوان” هم دائماً الطرف الخاسر جراء أي تقاربات سياسية، لأنهم كيان قائم على أراضٍ شائكة تغذيها الخلافات السياسية، وبالتالي هم الورقة الخاسرة خلف أي اتفاق أو انفراجة سياسية محتملة، وياله من واقع مرير لحزب يقتات على الخلافات وتحكمه الاتفاقات ويعيش كوادره على الهوامش السياسية وإذلالاتها ومفاجآتها! وأخيراً، وفي إطار التحولات الإستراتيجية وحالة الوفاق السياسي الكبير في منطقة الخليج والمنطقة العربية بشكل عام، والمصافحة التاريخية المفعمة بالود والدفء بين زعيمين كبيرين على هامش مونديال قطر، فإن مؤشرات المستقبل السياسي للمنطقة تبدو واعدة وكبيرة ومطمئنة على جميع الأصعدة.