بقلم: مارك غاليوتي
الشرق اليوم- إن حادث سقوط صاروخ أوكراني في بولندا الأسبوع الماضي أحدث شرخا في مواقف الدول الغربية بشأن الصراع في أوكرانيا، وأظهر كيف أن العديد من قادة تلك الدول يحلمون سرا بالتوصل لاتفاق ينهي الحرب.
تقدم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بمقترح لخطة سلام من 10 نقاط إلى قمة مجموعة العشرين في بالي قبل حادث سقوط الصاروخ في بولندا بقليل، ووصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بأنها “غير واقعية وغير كافية”.
رغم عدم وجود ما يوحي بأفق لحل الصراع، فإن ذلك لم يمنع بعض المسؤولين الغربيين من اعتبار الوقت الآن مناسبا للتوصل إلى تسوية، مدفوعين بالخشية من زيادة مخاطر التصعيد وتوسع رقعة الصراع مع استمرار الحرب.
ومن بين المسؤولين الغربيين الذين يحثون على التوصل لاتفاق ينهي الحرب رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي، الذي أعرب الأربعاء الماضي عن اعتقاده بأن الوقت مناسب للتفاوض، وقال “تريد التفاوض في وقت تكون فيه في أوج قوتك، وخصمك في حالة ضعف”. في إشارة إلى الانتصارات الأوكرانية التي دفعت القوات الروسية للانسحاب من خيرسون.
كما حث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، خلال مشاركته في قمة العشرين، معربا عن اعتقاده بإمكان تحقيق تقدم في مجال التفاوض والتوصل لإجماع أكبر بشأنه.
ضغوط وقلق أوكراني
لكن الإجماع الذي تحدث عنه ماكرون لم يحدث بعد؛ فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا يرى في نظيره الأوكراني “سوى دمية بيد واشنطن”، كما يرى أن المفاوضات الحقيقية ينبغي أن تكون مع الأمريكيين لا الأوكرانيين. في حين تتمسك الولايات المتحدة بموقفها بأن أي محادثات تخص أوكرانيا لن تجري من دون الطرف الأوكراني.
وهناك أيضا موقف كييف القلقة والغاضبة من الضغط الغربي المتزايد الساعي لدفعها للتوصل لاتفاق ينهي الحرب على حساب مصالحها الخاصة.
وتخشى أوكرانيا -التي تخوض هجوما مضادا تمكنت من خلاله من تحقيق انتصارات في ساحة المعركة- من أن أي مفاوضات الآن قد تقود إلى وقف لإطلاق النار مما يمنح روسيا الوقت لإعادة حشد قواتها ومدها بالسلاح اللازم لاستئناف القتال بعد الهدنة.
كما أن كييف تدرك جيدا أن الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع موسكو يعني تخفيف الضغط على الغرب لإمدادها بالمساعدات العسكرية، وفق الكاتب الذي نقل عن دبلوماسي أوكراني قوله “نحن نعلم أن هناك دولًا أوروبية ستغتنم أي فرصة لتقليص التزاماتها تجاهنا، وذلك بكل ما أوتيت من قوة، فلماذا نمنحهم عذرا للقيام بذلك؟”
وفي ضوء توقعات البنك الدولي التي تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الروسي سينخفض بنسبة 4.5% العام المقبل، والتوترات السياسية المحلية المتزايدة في روسيا، فإن كسب مزيد من الوقت قبل المحادثات قد يكون في صالح كييف.
إن أوكرانيا واثقة من قدرتها على تحقيق مزيد من الانتصارات في ساحة المعركة وإحباط محاولات بوتين الرامية إلى استخدام قوات الاحتياط التي حشدها خلال التعبئة الجزئية لاستعادة زمام الأمور في ساحة المعركة خلال فصل الربيع، لذلك فإن وجهة نظر زيلينسكي هي أن مفاوضات السلام سيأتي وقتها لا محالة، ولكنها ينبغي أن تبدأ بعد أن يكون الرئيس الروسي في وضع صعب ويائس.