الشرق اليوم- قبل 53 عاماً كان الأمريكي نيل أرمسترونغ أول إنسان تطأ قدماه أرض القمر، في إطار جهد إنساني لاكتشاف الفضاء ومعرفة أسراره والتعرف إلى إمكانية استثمار الفتوحات الفضائية لتحسين الحياة على الأرض. وقد شارك الاتحاد السوفييتي آنذاك في هذه المهمة مع الولايات المتحدة من خلال إرسال رواد فضاء قاموا بالدوران حول الأرض، وكان ذلك عام 1961من خلال يوري غاغارين، وما تبع ذلك من إرسال مئات الأقمار الاصطناعية من جانب الكثير من الدول للتعرف إلى أسرار الكون، وزيادة معرفة البشر بما يدور حولنا واستخدام التكنولوجيا الفضائية في مختلف فروع المعرفة، وتطبيقات البث والاتصالات والمسوحات الأرضية والرصد المناخي، إضافة إلى الاستخدامات العسكرية والأمنية من خلال الأقمار الاصطناعية التي تجوب الفضاء لهذا الغرض.
وإذ تحّول الفضاء إلى ساحة لتنافس التكنولوجيات، وهو من ناحية يصب في مصلحة البشرية على صعيد الفوائد العلمية والاجتماعية والاقتصادية، ويفتح آفاقاً جديدة لمعرفة أسرار الفضاء، ونموذجه الإيجابي المحطة الفضائية الدولية التي تعمل منذ منذ أكثر من 20 عاماً في مجال علم الأحياء والفلك والرصد الجوي والفيزيائي، وبمشاركة خماسية من (الولايات المتحدة وروسيا واليابان وأوروبا وكندا)، إلا أن الفضاء تحّول في السنوات الأخيرة إلى ساحة للتنافس السلبي، من خلال استخدامه ساحة للصراع من خلال الأقمار الاصطناعية ذات الاستخدامات العسكرية، أو الأسلحة المضادة لهذه الأقمار.
الجديد في هذا الأمر، هو إطلاق الولايات المتحدة قبل أيام صاروخها العملاق الجديد نحو القمر في إطار مهمة «أرتيميس1» تستغرق 25 يوماً، للتحقق من أن هذه المركبة آمنة لنقل طواقم مستقبلية إلى القمر في السنوات المقبلة، وذلك يعني العودة إلى القمر مباشرة، بعد نصف قرن من أول رحلة إليه. إذ تخطط إدارة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا) لجعل رواد الفضاء يعيشون ويعملون على القمر لمدة تصل إلى شهرين. وقال متحدث باسم الوكالة نعمل على تأسيس “معسكر قاعدة فوق سطح القمر، سيضم كابينة قمرية حديثة ومنزلاً متنقلاً”.
رئيس وكالة ناسا بيل نيلسون أوضح أكثر بقوله “نبحث ونطور أنظمة جديدة ومركبات جديدة حتى نصبح قادرين على الذهاب إلى المريخ”.
إذاً، القمر، هو محطة على طريق المريخ.
الجديد في هذا الأمر، وما يثير الريبة، أنه خلال المعرض الذي شهدته واشنطن مؤخراً والمخصص للفضاء ناقش عدد من الخبراء تصوراتهم لاكتشاف الفضاء واستعمار الكواكب خلال عام 2050. يقول نيلسون بيدرويرو المختص في التكنولوجيا الحديثة المتعلقة بالفضاء “يبدو أن الأمر لا يقتصر على الزراعة، بل يمتد للبناء على سطح القمر، والاستثمار اقتصادياً هناك، بل وبناء وحدات استيطانية”.
التنافس العلمي أمر إيجابي، وولوج الفضاء ومعرفة أسراره واستثمار ذلك خطوة تخدم البشرية، لكن أن يتحول الفضاء إلى ساحة صراع من منطق استعماري، كما هو الحال على الأرض، فهو مرفوض.. ويجب أن يكون محرماً.
المصدر: صحيفة الخليج