الرئيسية / مقالات رأي / تركيا.. وسيناريوهات “التفجير”

تركيا.. وسيناريوهات “التفجير”

بقلم: محمد نور الدين – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- حمل التفجير الذي استهدف شارع الاستقلال في مدينة إسطنبول، يوم الأحد الماضي، وذهب ضحيته ستة قتلى، وأكثر من ثمانين جريحاً، العديد من الدلالات والرسائل.

الدلالة الأولى، أنه حصل في المنطقة الأكثر اكتظاظاً بالناس في المدينة، وفي تركيا، وربما أراد الفاعل أن يوقع أكبر عدد من الضحايا.

الدلالة الثانية، أن التفجير حصل في المنطقة الأكثر شهرة في تركيا لدى الرأي العام العالمي، وربما أراد الفاعل إيصال الرسالة إلى أوسع شريحة من هذا الرأي العام. وفي الحالتين تعتبر العملية ضربة موجعة للحكومة التركية، وللرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

والدلالة الثالثة، أنه التفجير الأول منذ آخر تفجير حصل في المدينة في عام 2016. ولا يعرف ما إذا كان الفاعل يهدف إلى عودة الاضطراب الأمني إلى المدن التركية في المرحلة المقبلة.

بطبيعة الحال، فإن الأنظار اتجهت إلى من يكون وراء وضع العبوة الناسفة، ولماذا. وفي بيان الحكومة أن حزب العمال الكردستاني يقف وراء العملية، وأن التي وضعت العبوة امرأة سورية عبرت إلى تركيا من منطقة عفرين، وتلقت تعليماتها من مسؤول كردي في مدينة عين العرب/ كوباني.

وإذا أخذنا هذه الرواية على أنها صحيحة، فهذا يعني أن حزب العمال الكردستاني أراد الرد على العمليات العسكرية للجيش التركي ضد قواعده في شمال العراق، والمستمرة منذ أشهر عدة، وأكثر. وربما أراد الحزب أن يخفف من عبء الهجمات عليه من خلال نقل المعركة إلى الداخل التركي، لا سيما المدن، وفي رأسها إسطنبول.

وبناء على هذه الفرضية، فإن إعلان الحكومة عن منفّذة العملية، وأنها جاءت من سوري، يعكس منذ الآن نية أنقرة الرد بسرعة وبقوة على حزب العمال في سوريا، تحديداً. وهذا يعني أن العملية العسكرية التركية التي كانت أنقرة تريدها منذ الربيع الماضي في شمال سوريا وتأجلت نتيجة اعتراض روسيا وإيران، سوف تقوم بها تركيا هذا المرة انطلاقاً من الأسباب التي أعلنتها. ولا يعرف ما إذا كانت موسكو وطهران ستسكتان عن العملية نتيجة ضغط الظروف العامة.

لكن في الوقت نفسه لا يمكن استبعاد نظرية تورط أجهزة استخبارات غربية تابعة لأكثر من دولة، اعتراضاً على توثيق تركيا لعلاقات مع روسيا، ورفضها تنفيذ العقوبات الاقتصادية علي موسكو.

كذلك فإن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لا يخفي غياب الود في علاقاته مع أردوغان، حيث رفض حتى الآن الاجتماع به في لقاء رسمي ثنائي. واللقاءات التي حصلت بينهما حتى الآن إنما جاءت على هامش مؤتمرات دولية، ليس إلا.

ولا يخفي بايدن أيضاً رغبته القوية في رؤية الرئيس التركي يخسر الانتخابات الرئاسية في يونيو/ حزيران، من العام المقبل. وكان بايدن تعهد خلال حملته الانتخابية أن يطيح بأردوغان، ديمقراطياً.

وجاء رفض الحكومة التركية رسالة التعزية الأمريكية بتفجير إسطنبول دليلاً آخر على تردي العلاقات بين واشنطن وأنقرة، حيث تتهم الأخيرة الأولى بأنها تدعم حزب العمال الكردستاني وقوات الحماية الكردية.

وكما اعتبر أردوغان محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/ تموز 2016 “لطفاً إلهياً” مكنته من اكتشاف خصومه والقضاء على خططهم، فإن عملية تفجير إسطنبول قد تقوم بالدور نفسه الذي لعبته محاولة الانقلاب تلك، لجهة استغلال السلطة والانطلاق منها لتنفيذ عملية عسكرية في شمال سوريا تعيد تعويم موقع الرئيس أردوغان، وتظهره على أنه بطل وطني. الأمر الذي قد يؤثر إيجاباً في حظوظه في معركة الانتخابات الرئاسية.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …