الرئيسية / الرئيسية / Foreign Affairs: كيف تعثرت بريطانيا؟

Foreign Affairs: كيف تعثرت بريطانيا؟

بقلم: أناند مينون

الشرق اليوم- تعيش بريطانيا حالة من الفوضوية، والتي تعزى إلى عدة أسباب منها: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتأثير المستمر لوباء كوفيد-19، وحرب أوكرانيا، وعدم كفاءة حزب المحافظين، والمستقبل المحفوف بالمخاطر.

إن كثيرين ذُهلوا لأن المملكة المتحدة -التي كانت في السابق براغماتية وموثوقة- بدت وكأنها تنحدر إلى فوضى لا يمكن السيطرة عليها، وقد شهدت السنوات الست منذ استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست) في عام 2016 اضطرابات غير متوقّعة. وفي الأشهر الأربعة الماضية وحدها، شهدت البلاد استقالة رئيسي وزراء.

الهدوء الذي يسبق العاصفة

والآن، مع تولي ريشي سوناك رئاسة الوزراء، يبدو أن البلاد أصبحت تعيش توقّفًا مؤقتًا من استمرار الاضطرابات السياسية. فعندما اتّضح أنه سيفوز، ارتفعت قيمة الجنيه البريطاني. ومع ذلك، لا تزال المملكة المتحدة تبحر في مياه اقتصادية وسياسية مضطربة، “ربما يكون هذا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة”.

كثيرًا من الأدلة على وضوح صعوبة الوضع الاقتصادي في بريطانيا حاليًا، ومنها: أن حوالي مليوني أسرة بريطانية ستواجه زيادات حادّة في تكاليف الرهن العقاري خلال العامين المقبلين، وربما يعيش حوالي 14 مليون بريطاني في فقر العام المقبل، وهناك تحذيرات من احتمال انقطاع التيار الكهربائي في الشتاء وزيادة كبيرة في أسعارها. وقد أدّى ارتفاع تكاليف المعيشة إلى تحركات نقابية واسعة النطاق بتنفيذ إضرابات في بعض القطاعات، وتوقّع تنفيذها في قطاعات أخرى قريبًا، بما في ذلك إضراب أعضاء الكلية الملكية للتمريض، لأول مرة في تاريخها البالغ 106 أعوام.

وعن أسباب هذا الوضع الصعب، فإن (البريكست) -ورغم ما يُقال عن أضراره- فإنه ليس السبب الوحيد اليسير لكل ما يجري، كما أنه ليس المحرك الرئيسي لأزمة تكلفة المعيشة الحالية، ولا لارتفاع تكاليف الطاقة؛ بل يمكن أن يُعزى ذلك إلى حدّ كبير إلى التأثير المستمر لوباء (كوفيد-19)، والحرب في أوكرانيا.

ثورة البريكست

ويوضح أن (البريكست) يواصل تشكيل التطورات في المملكة المتحدة بشكل مباشر وغير مباشر، ويساهم في تقويض محاولات التعامل مع الأزمة الاقتصادية، مضيفًا أنه كان من نواحٍ عديدة ثورة سياسية، وتمردًا ضد ما عدّه كثيرون أشكالًا من العقيدة السياسية والاقتصادية التي أفشلت البلاد.

وأشار إلى أن التّقشّف الذي نفّذته الحكومة البريطانية قبل استفتاء الخروج 2016 خلق -في صيف ذلك العام- الرغبة في التغيير بأي ثمن. وصوّت الناس للخروج، لكن العودة إلى ذلك التّقشّف بعد ست سنوات من معارك البريكست، ربما ليست هي التي كانت تدور في إذهان مؤيدي الخروج.

والآن، وبعد ما يقرب من ثلاث سنوات من الخروج رسميًا من الاتحاد الأوروبي، لا توجد أي نتائج إيجابية، بل ظهرت سلسلة من الفضائح والأزمات. وقد شعر كل من رئيسي الوزراء السابقين: بوريس جونسون وليزا تراس، بالرغبة في “تغيير جذري”، لكنهما لم يعملا من أجل نظام أكثر عدلًا وكفاءة، “لقد كانا، متمردين أساءا فهم السبب”.

الترويج لخفض الانفاق والتقشف

وبعد أن اجتاز البريكست موجته الثورية الحماسية، يريد حزب المحافظين الآن العمل بهدوء. فقد كانت إزاحة تراس مدفوعة بالذعر من اضطرابات السوق. ويبدو أن حكومة سوناك قلّصت التزاماتها بتسوية وإصلاح الاختلالات الاقتصادية في البلاد، وتقوم الآن شخصيات مألوفة من حقبة ما قبل البريكست بالترويج لخفض الإنفاق الحكومي، وتطبيق التّقشّف كدواء مؤلم، ولكنه ضروري.

إن هذه الخطوة لن تكون مجدية؛ لأن هناك اختلافات عميقة بين الآن والوقت الذي تمّت فيه سياسات الخفض والتّقشّف آخر مرة -قبل عقد من الزمن- ولم يتبق سوى القليل جدًا من الإنفاق الحكومي لخفضه، بل إن هناك رغبة أقلّ من جانب الجمهور لخفضه.

الثورة التي ستأكل بنيها

وأشار إلى أن حزب المحافظين قد دمّر سمعته من حيث الكفاءة الاقتصادية. ومن الناحية السياسية بدأ تحالف البريكست في الانهيار. فبينما كان متّحدًا بشأن ما يُسمى بقضايا القيم، إلا أنه ليس كذلك في الاقتصاد -والاقتصاد هو اسم اللعبة السياسية هذه الأيام- والأهم من ذلك، أن أعدادًا متزايدة من الناخبين بدأت ترى أن البريكست يضر بالاقتصاد. وفي الأوقات الاقتصادية العصيبة، سيجد سوناك صعوبة أكبر من أي وقت مضى في تحقيق ذلك.

إن الديمقراطيين الليبراليين -الذين سطع نجمهم حاليًا- يستهدفون الآن مقاعد حزب المحافظين، باستمالة الناخبين المحافظين القلقين بشأن ارتفاع تكلفة الرهون العقارية وتأثير البريكست، من بين قضايا أخرى.

ويمكن القول إن ثورة البريكست قد لا تكون أكملت أكل أبنائها بعد.

شاهد أيضاً

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

العربية- هدى الحسيني الشرق اليوم– يقول أحد السياسيين المخضرمين في بريطانيا، المعروف بدفاعه عن حقوق …