الشرق اليوم- رغم الانقسامات العميقة والمنافسة الشديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، إلا أن مصالح البلدين تستدعي الحفاظ لى خطوط اتصال مفتوحة.
وفي تعاون تُرجم إلى اتفاق بين البلدين في مؤتمر “كوب27” فقد أعلن الوفدان الصيني والأمريكي عن اتفاق مشترك مفاجئ لتحديد أهداف جديدة للحد من استهلاك الوقود الأحفوري؛ فالدولتان مسؤولتان معا عن أكثر من 35% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم.
يعد تغير المناخ من القضايا القليلة التي يمكن لواشنطن وبكين الاتفاق بشأنها، في وقت يكون فيه الطرفان على طرفي نقيض في كثير من القضايا العالمية.
من ناحية أخرى، دفعت جائحة فيروس كورونا المستجد وتبعاتها المتسارعة خلال العشرين شهرا الأخيرة علاقة البلدين إلى مزيد من التأزم، وذلك على خلفية اتهام واشنطن لبكين بالتستر على معلومات نشأة الفيروس.
ومنذ اليوم الأول في الحكم، وضع الرئيس بايدن مواجهة الصين في قلب أجندته الاقتصادية والإستراتيجية، بوصفها التحدي الأكبر في هذه الحقبة.
وفي ما يلي عددا من القضايا الخلافية بين البلدين:
عسكرة أزمة تايوان
ولأكثر من 7 عقود، هدد الحزب الشيوعي الصيني بغزو تايوان، وتتزايد الآن المخاوف بين المحللين والمسؤولين والمستثمرين من تنفيذ الحزب تهديده خلال السنوات القليلة المقبلة، مما قد يؤدي إلى اندلاع حرب مع أميركا.
وبسبب التوترات المرتبطة بتايوان التي تضاعفت مؤخرا، يخشى كثير من المراقبين سيناريو كارثيا يتمثل في غزو الصين للجزيرة، واضطرار الولايات المتحدة للتدخل، وهو ما يهدد بإشعال حرب بين القوتين الكبريين في عالم اليوم.
وخلال الأسابيع الأخيرة، أرسلت بكين 150 طائرة عسكرية إلى منطقة الدفاع الجوي المحاذية للمجال الجوي لتايوان، وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ -في وقت لاحق- إنه سيكمل “المهمة التاريخية” المتمثلة في إعادة توحيد الجزيرة مع الصين، “بالطرق السلمية”، إلا أن شي جين بينغ رفض في وقت سابق استبعاد القيام بعمل عسكري.
وردا على سؤال في لقاء مع شبكة “سي إن إن” (CNN) حول إذا ما كانت بلاده ستتدخل عسكريا حال شنت الصين هجوما على تايوان، رد بايدن بالقول “نعم، لدينا التزام بالقيام بذلك”. ثم، تلا ذلك تأكيد رئيسة تايوان إنغ ون وجود قوات أميركية في بلادها.
بحر جنوب الصين وتحالفات واشنطن الجديدة
ترفض واشنطن كل الإجراءات الصينية في بحر جنوب الصين، ويمثل الموقف الأمريكي نقطة تحول كبير في سياسة واشنطن تجاه بكين، حيث لم تعد الولايات المتحدة بمقتضاه لاعبا محايدا في نزاع الصين مع جيرانها من الدول المشاركة في بحر جنوب الصين، مثل فيتنام، والفلبين، وماليزيا، وإندونيسيا.
وتطالب بكين بالسيادة على مساحات واسعة من بحر جنوب الصين، بما في ذلك جزر باراسيل التي غالبا ما تمثل مصدر قلق، وتقوم بمناورات عسكرية متكررة في المنطقة. وقررت إدارة بايدن التعامل مع سعي بكين للحصول على الموارد في بحر جنوب الصين المتنازع عليه بوصفه أمرا غير مشروع.
وترد الولايات المتحدة على ما تراه تصعيدا صينيا بالقيام بمناورات عسكرية حربية بمشاركة حاملات الطائرات في بحر جنوب الصين، وتقول وزارة الدفاع (البنتاغون) إن “تلك الجهود تدعم التزامات الولايات المتحدة الدائمة في الدفاع عن حق جميع الدول في الطيران والإبحار والعمل في أي مكان يسمح به القانون الدولي”، في إشارة إلى استعداد واشنطن ونيتها الدفاع عن حلفائها.
ثم جاء الإعلان عن الاتفاق الأمني الثلاثي الذي يجمع بين واشنطن ولندن وكانبيرا -وما يرتبط به من بناء عشرات الغواصات التي تعمل بالوقود النووي- ليثير مزيدا من التوتر في علاقات الدولتين. وأعقب ذلك، الاجتماع التأسيسي للتكتل الرباعي الذي تقوده الولايات المتحدة مع اليابان والهند وأستراليا، ليدفع الصين إلى اتهام الولايات المتحدة مجددا بشن حرب باردة جديدة عليها.
الحرب التجارية
على الرغم من وصول حجم التبادل التجاري العام الماضي إلى 650 مليار دولار بين الدولتين، فإن بكين تضغط على إدارة بايدن لإلغاء التعريفات الجمركية التي فُرضت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب على منتجات وسلع صينية تزيد قيمتها على 350 مليار دولار. وترك بايدن العقوبات والتعريفات الجمركية من دون تغيير، في الوقت الذي يسعى فيه إلى بدء جولة جديدة من المحادثات التجارية بين الدولتين.
وتطالب واشنطن بكين باتباع سياسات تجارية أكثر إنصافا للمنتج والمستهلك الأميركي، والسماح بتسهيل التصدير للصين، ووقف الدعم الموجه من الحكومة الصينية للشركات الصينية. كما يمثل التلاعب في قيمة العملة الصينية مصدر توتر كبير بين الدولتين على الصعيد التجاري والاقتصادي.
قضية حقوق السكان الإيغور المسلمين
تنتقد بكين بشدة الحملة العالمية -التي تدعمها الولايات المتحدة- لإدانة الحكومة الصينية على ما تعتبره واشنطن حملة “إعادة التعليم وإعادة التأهيل” للأقلية الإيغورية المسلمة. وتشمل ممارسات السلطات الصينية العمل القسري، والسجن الجماعي لأكثر من مليون شخص في معسكرات منعزلة، والتعقيم المزعوم لنساء الإيغور.
وفي مارس الماضي، فرضت واشنطن وحلفاؤها عقوبات على العديد من المسؤولين في إقليم شينغ يانغ، ووصف وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن معاملة الإيغور في الصين بأنها عملية “إبادة جماعية”.
وأصدر الكونغرس عدة عقوبات تستهدف مسؤولين صينيين متورطين في انتهاكات لحقوق الإنسان، ومرر مجلسا الكونغرس (الشيوخ والنواب) قرارات العقوبات على الصين بما يشبه الإجماع.
الصراع التكنولوجي السيبراني
وضعت إدارة ترامب خططا وقواعد تنظيمية -وأبقت عليها إدارة بايدن- تحظر على حكومة الولايات المتحدة شراء السلع أو الخدمات من أي شركة تستخدم منتجات 5 شركات صينية، على رأسها شركة هواوي. وتعتبر واشنطن أن عملاق التكنولوجيا الصيني ما هو إلا أداة تجسس لصالح الدولة الصينية.
المصدر: الجزيرة