بقلم: حسن مدن – صحيفة الخليج
الشرق اليوم– على خلاف التوقعات والتفاؤل المفرط للجمهوريين ورمزهم الأبرز اليوم، الرئيس السابق دونالد ترامب، لم يحقق حزبهم الاكتساح الذي كانوا يمنون النفس به لمقاعد مجلس النواب وقلب المعادلة في مجلس الشيوخ لصالحهم. صحيح أن الجمهوريين حققوا تقدماً، لكن عليه ينطبق وصف بعض وسائل الإعلام بأنه “فوز بمذاق الهزيمة”.
وفي هذه الانتخابات بالذات تأكد أن ترامب عامل فرقة وانقسام لا على صعيد أمريكا بكاملها، وإنما على صعيد حزبه أيضاً، حيث تصرف كأنه “المالك” الأكبر للحزب، فاختار من أراد من المرشحين الذين يثق في دعمهم له في خطة ترشحه المتوقعة، وربما شبه المحسومة، للرئاسة ثانية، وأقصى من يتوجس منهم خيفة، ويرى مراقبون أن هذا التصرف كان سبباً رئيسياً في عدم تحقيق الجمهوريين الفوز الكاسح الذي كانوا يطمحون إليه.
كانت تقارير إعلامية قد نقلت عن مستشار لترامب قوله إنه “غاضب ويصرخ على الجميع” بسبب نتائج الانتخابات النصفية، وهو أمر نفاه ترامب لاحقاً، لكن “ما من دخان بدون نار” كما يقال، فالمؤكد أن ترامب أصيب بخيبة أمل حتى لو كابر في الاعتراف بها علناً، وهذا أمر معهود عنه، وأصرّ على أنه لن يغير من خطته في تجديد ترشحه للرئاسة قريباً.
على ضفة الديمقراطيين لا تبدو الأمور أفضل. فهنا أيضاً، ورغم أن الرئيس جو بايدن أشاد بالانتخابات الأخيرة، ووصفها بأنها “يوم جيد للديمقراطية” بعدما نجح معسكره في الحد من الأضرار المتوقعة عليه، مؤكداً على أن “لديه النية” للترشح لولاية ثانية في العام 2024، لكن هذه النية لن تكون إلا عامل انقسام آخر في حزبه مشابه لذاك الذي تثيره نية الترشح لدى ترامب في صفوف الجمهوريين، فبايدن الذي يقترب من الثمانين من عمره، وتتكرر بصورة دائمة مظاهر ضعف ذاكرته وتعثر أدائه ووقوعه في أخطاء محرجة لإدارته ومعسكره، لا يبدو مقبولاً كمرشح قادم للرئاسة من قطاعات واسعة داخل حزبه، ما سيوقع الحزب في انقسام وشيك مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في العام 2024.
الانقسامات الداخلية في الحزبين، التي تبدو ظاهراً خلافاً على من سيكون مرشحهما القادم للرئاسة، هي تعبير عن خلافات أشدّ وأعمق في المنظومة السياسية الحاكمة في الولايات المتحدة، التي تعاني من مظاهر وهن متعددة، تنذر بتصدعات أكبر قادمة.