بقلم: هال براندز
الشرق اليوم- دفع التوجّس من عدوان صيني على اليابان المسؤولين في هذا البلد إلى تحريض الأمة على الاستعداد للقتال. فإذا أقدمت الصين على غزو تايوان، فلن يكون عليها مواجهة القوة العظمى المعادية -الولايات المتحدة- فحسب، بل ربما تجد بكين نفسها كذلك في مواجهة غريمها الإقليمي القديم اليابان.
إن اليابان والصين ما فتئتا تتصارعان على مرّ القرون على الهيمنة في شرق آسيا، لدرجة تهديد كل منهما لوجود الآخر في بعض الأحيان. وفي الوقت الذي أصبحت فيه قدرات الصين أكثر إرعابا وأصبح سلوكها في مضيق تايوان أكثر خطورة، أصبحت مخاوف طوكيو أكثر حدة.
ومما يعكس تلك المخاوف هو تعبير حوالي 90% من الجمهور الياباني -في استطلاع أجري في يونيو الماضي- عن اعتقادهم بأن بلادهم يجب أن تستعد لغزو صيني لتايوان.
وذلك الاستطلاع كان قبل أن يصعِّد الزعيم الصيني شي جين بينغ، التوترات بإطلاق بكين صواريخ باليستية على المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان، على أثر زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايبيه.
ورغم اختلاف آراء المسؤولين -سواء الأمريكيون أو اليابانيون- بشأن مدى احتمال مجازفة الرئيس شي بمقامرة عسكرية عالية المخاطر، وقال بعض هؤلاء المسؤولين: إن التغييرات الأخيرة التي أجراها وشملت تعيين أحد المحاربين القدامى ضد فيتنام عام 1979، وقائدا سابقا للقوات العسكرية الصينية المنتشرة قبالة تايوان، في أعلى موقعين باللجنة العسكرية المركزية، تصل إلى حد كبير درجة إنشاء “مجلس حرب”.
لكن آخرين يجادلون بالقول إن الجيش الصيني سيفتقر -لو شن حربا الآن- إلى القدرات الأساسية اللازمة لغزو تايوان، وبالذات سفن الإنزال البرمائية الكافية.
وما هو مؤكد بين اليابانيين، هو أن استيلاء الصين على تايوان بالقوة سيكون كارثيًا على بلدهم، إذ إن ذلك يعني أن الجزر الواقعة في أقصى الطرف الجنوبي الغربي من الأرخبيل الياباني ستكون في وضع يجعلها غير قابلة للدفاع عنها. ويمكن للصين تقييد طرق التجارة الحيوية لليابان، وزيادة الضغط حول جزر سينكاكو المتنازع عليها مع بكين وتايبيه.
وتخطط اليابان، لمضاعفة إنفاقها الدفاعي تقريبًا بحلول عام 2027، وتحويل بعض جزرها الجنوبية الغربية إلى نقاط قتالية محورية تنصب بها صواريخ مضادة للسفن ودفاعات جوية، ويقال إن لديها خططا لاستخدام أسطول غواصاتها العالي الجودة لتضييق الخناق على البحرية الصينية، كما تتجه طوكيو أيضًا للحصول على صواريخ كروز الأمريكية من طراز توماهوك وغيرها من القدرات التي يمكن أن تستهدف البر الرئيسي الصيني.
وأعرب الدبلوماسيون اليابانيون والأمريكيون عن قلقهم أيضًا من أن واشنطن تضع أحيانًا على الواجهة الجوانب الرمزية لدعم تايوان، مثل زيارة بيلوسي أو الدعوات للاعتراف بتلك الجزيرة دولة مستقلة، وذلك على حساب اتخاذ إجراءات ملموسة لتعزيز دفاعاتها.
وتفضل طوكيو الردع دونما استفزاز، بينما تمارس الولايات المتحدة بشكل دوري الاستفزاز دون رادع، وهذه ليست طريقة جيدة للتعامل مع منافس خطير، أو الحفاظ على الحليف الأهم لأمريكا في المنطقة.