الرئيسية / مقالات رأي / “لولا” العائد… إلى برازيل مختلفة

“لولا” العائد… إلى برازيل مختلفة

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم- كثيرة أوجه الشبه بين البرازيل والولايات المتحدة. انقسام سياسي كبير كشفت عنه نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بفارق ضئيل على منافسه الرئيس المنتهية ولايته جايير بولسونارو (50.9 في مقابل 49.1)، بينما الكونغرس البرازيلي بقيت الغالبية فيه لنواب يوالون بولسونارو. وهذا من شأنه أن يعقد مهمة لولا.

وقبل الانتخابات، تخوف كثيرون من أن تشهد البرازيل سيناريو مشابهاً لذاك الذي تلا فوز الرئيس الأمريكي جو بايدن بالرئاسة عام 2020، بينما رفض الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الاعتراف بالنتائج ولا يزال يزعم حتى اليوم أن الانتخابات قد “سرقت” منه من دون أن يقدم دليلاً على ذلك.

بولسونارو المعجب بدونالد ترامب وكان من آخر الرؤساء الذين هنأوا بايدن بالفوز، كان يهدد طوال حملته الانتخابية بأنه سيطعن في النتائج، إذا وجد أنها متقاربة أو لاحظ وجود تزوير فيها. وقبل يومين من الانتخابات، أعلن ترامب دعمه الصريح لبولسونارو، الذي يحظى بدعم من الإنجيليين البرازيليين أيضاً.

ولن تكون مهمة لولا سهلة أبداً في بلد تتزايد فيه معدلات الفقر على نحو متسارع، ولا يزال يكافح للخروج من فيروس كورونا، الذي كانت البرازيل من أعلى الدول بعد الولايات المتحدة، في معدل الوفيات الناجمة عنه. ومن الأخطاء التي ارتكبها بولسونارو كان رفضه الإغلاقات وفرض قيود على السكان، واعتمد أول الأمر التقليل من خطورة الفيروس شأنه شأن ترامب.

ويعيد فوز لولا، أكبر بلد في أمريكا اللاتينية إلى خريطة اليسار، الذي يرسخ أقدامه في دول المنطقة مثل الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبوليفيا، في وقت تتصاعد حدة الاستقطابات في العالم بسبب ضراوة الحرب الروسية – الأوكرانية. والبرازيل عضو في مجموعة “بريكس” إلى جانب روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا. وعلى رغم أن بولسونارو رفض الانضمام إلى نظام العقوبات الغربية، فإن لولا قد يعمق التعاون مع خصوم أميركا وفي مقدمهما الصين وروسيا.

وإلى الأبعاد الدولية التي تنطوي عليها عودة لولا، فإن هذا الفوز، يُعتبر أيضاً بمثابة انتصار شخصي لرجل تعرض لمزاعم بالفساد وسجن 580 يوماً قبل أن تلغي المحكمة العليا قرار الإدانة الصادر بحقه وتعيد إليه كامل حقوقه المدنية. وعبّر لولا عن المرارة التي شعر بها وقتذاك قائلاً في خطاب الفوز: “لقد أرداوا إحراقي حياً”.

لولا القادم من عائلة فقيرة وعانى الأمرّين حتى وصوله إلى ترؤس نقابة عمال المناجم قبل أن يدخل عالم السياسة، يحظى بولاء شريحة كبيرة من البرازيليين لا سيما منهم أبناء الطبقات المسحوقة التي تراه قريباً منها.

ومع ذلك يتولى لولا الرئاسة اليوم في بلد مختلف عما تركه عام 2010 بعد ولايتين رئاسيتين متتاليتين. ففي ظل رئاسة بولسونارو كان هناك انحياز للأثرياء ورجال الأعمال والشركات الكبرى على حساب الطبقتين الوسطى والفقيرة، بينما تمادت أزمة إزالة غابات الأمازون التي تعتبر رئة العالم. ويعتقد مراقبون أن هذه المسألة سيوليها لولا الاهتمام الأقصى وستنصب عليها أول القرارات التي سيتخذها بعد تسلمه مهامه رسمياً.

وإدراكاً منه لواقع البرازيل الجديد، نسج لولا تحالفات مع عدد من تيارات يمين الوسط مثل الحزب الديموقراطي الاجتماعي، ورشح حاكم ساو باولو السابق جيرالدو ألكمين على لائحته لمنصب نائب الرئيس. كما حظي بدعم اقتصاديين معروفين مثل أرمينيو فراغا الحاكم السابق للمصرف المركزي.

سيسير لولا على حبل رفيع من أجل شق سياسة متوازنة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، فلا يُنفر المستثمرين ويعمل في الوقت ذاته على إنصاف الأكثر فقراً، الذين يعلقون آمالاً كبيرة على انبعاثه.

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …