الشرق اليوم- انضمت البرازيل مجدداً إلى “المد الوردي” اليساري في أمريكا الجنوبية، بعد أن خاض الرئيس البرازيلي المنتخب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، معركة انتخابية ضارية ضد الرئيس السابق جايير بولسونارو، ليضع نهاية لأكثر حكومة يمينية في تاريخ البرازيل، وذلك بفوزه بنسبة 50.9% من الأصوات، بينما حصل بولسونارو على 49.1%.
وهذا الفوز يضع البرازيل مع كولومبيا والمكسيك والأرجنتين، وتشيلي والبيرو وفنزويلا وكوبا ونيكاراغوا في كتلة يسارية متنامية، ويعزز دور “المدّ الوردي” الجديد في القارة التي كانت تعتبر في السابق “حديقة خلفية” للولايات المتحدة، وبهذا تخسر الأخيرة موقعاً جديداً سيشكل لها صداعاً سياسياً، نظراً لمكانة البرازيل وثقلها السياسي والاقتصادي، ودورها في تعزيز التحالفات المناهضة لسياساتها.
أعلنت المحكمة العليا للانتخابات، النتائج الرسمية، مؤكدة أنها تمت “بطريقة رياضية”. وقال لولا في كلمة ألقاها بعد انتخابه إن “البرازيل بحاجة إلى الوحدة والسلام”، مشيراً إلى أن بلاده “عادت إلى الساحة الدولية ولم تعد منبوذة”.
ويمثل انتصار لولا تأييداً لنهجه اليساري، ورفضاً للشعبوية اليمينية المتطرفة التي جسدها بولسونارو خلال حكمه الذي فشل في التعامل مع جائحة كورونا، حيث عانت البرازيل أكبر الخسائر البشرية والاقتصادية جراء الجائحة التي لم يعترف بها بولسارنو.
وفي مقابل الاحتفالات الشعبية العارمة التي قام بها أنصار لولا في مختلف أنحاء البرازيل، فإن أنصار بولسونارو عمدوا إلى إغلاق الطريق السريع في ولاية ماتو غروسو، وهو ممر رئيسي للصادرات الزراعية، رفضاً لنتائج الانتخابات. كما أن بولسونارو الذي كان هدّد في وقت سابق بأنه لن يعترف بنتيجة الانتخابات في حال فوز لولا، التزم الصمت، ولم يصدر عنه أي رد فعل حتى بعد ساعات على إعلان النتائج.
هي الديمقراطية التي عادت تقول كلمتها الفصل، وترسم مساراً جديداً للبرازيل وغيرها من الدول التي عانت تغوّل اليمين الشعبوي المتطرف الذي لقي تأييداً غير مسبوق من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وقام بأوسع حملة تأييد لمصلحة بولسونارو الذي وصفه ب”العظيم”، داعياً البرازيليين إلى التصويت له.
ويعود لولا إلى السلطة التي خدم فيها رئيساً لفترتين بين يناير/كانون الثاني 2003، وديسمبر/كانون الأول 2010، على الرغم من أنه قضى في السجن 580 يوماً قبل إلغاء إدانته، وبعد اتهامات مشكوك في صحتها بأنه تلقى رشًى من شركة بناء برازيلية، لإبعاده عن الواجهة السياسية ليجد أمامه خصماً يمينياً عنيداً، لكن لولا أصر على العودة، وقال بعد فوزه: “لقد حاولوا دفني وأنا حي وها أنذا هنا”.
على كل حال لن تكون مهمة لولا سهلة، فهو يواجه العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً في ظل كونغرس سيطر عليه اليمين في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي، ما يعني أنه سيواجه معارضة لسياساته في الهيئة التشريعية.