بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- يثير المشهد العراقي الراهن، بعد انتهاء حالة الانسداد السياسي وانتخاب رئيس جديد للبلاد، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة محمد شياع السوداني ونيلها ثقة البرلمان، أسئلة كثيرة حول قدرة العراق على تجاوز أزماته المعقدة والمركبة، بقدر ما يبعث هذا المشهد رسالة أمل للعراقيين.
من دون التقليل من شأن هذه الخطوات المهمة التي حركت المياه الراكدة في بحر الأزمات التي شهدها العراق، خصوصاً بعد الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت قبل نحو عام، فإن العراق لا يزال بحاجة إلى معجزة للتغلب على تلك الأزمات ووضع قدميه على طريق التعافي. ذلك أن التعهدات والوعود التي قدمها السوداني في برنامجه الوزاري لنيل ثقة البرلمان لن تكون كافية وحدها ما لم تجد تعاوناً ودعماً حقيقياً من كل القوى والأحزاب السياسية في البلاد.
فما ورد في البرنامج من نقاط شملت الجوانب الداخلية والسياسة الخارجية لا غبار عليه، بل هو في الحقيقة ما يتمنى العراقيون تحقيقه، خصوصاً وأن البرنامج الوزاري، وهو واعد بلا شك، ركز على الجوانب الخدمية والتنموية والصحية وإصلاح الاقتصاد ومحاربة الفساد مروراً بتوفير الاحتياجات الأكثر إلحاحاً ..المياه والكهرباء وتوفير فرص للعاطلين عن العمل وغيرها. وفي الشق السياسي ركز البرنامج على إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في غضون عام وتغيير قانون الانتخابات، وكذلك قانون المفوضية العليا وإنشاء مفوضية جديدة، كما ركز على تحقيق توازن في السياسة وإقامة علاقات إيجابية وبناءة مع كل دول الجوار.
لكن المسألة الحقيقية تتعلق بقدرة حكومة السوداني على تنفيذ ما ورد في هذا البرنامج من وعود وتعهدات، فمن حيث المبدأ يحتاج تنفيذ هذه التعهدات إلى حالة من الهدوء والاستقرار، وهذه بدورها مرتبطة بالقوى والأحزاب السياسية ومواقفها، والأهم مرتبطة بعقلية هذه الأحزاب التي لا ترى في العراق سوى مجرد إرث تتقاسمه فيما بينها. والمسألة الأخرى، تكمن في النظام السياسي الذي تشكل بعد عام 2003، والقائم على المحاصصة السياسية والطائفية، ذلك أنه، مهما كانت النوايا، فإن حكومة السوداني هي نتاج للنظام ذاته والقوى والأحزاب والطبقة السياسية ذاتها، أي إنها تشكل امتداداً للحكومات السابقة منذ عام 2003 باستثناء عدم مشاركة التيار الصدري هذه المرة.
وهنا يمكن ملاحظة أن تثبيت إجراء انتخابات مبكرة خلال عام، وهو أحد أهم مطالب التيار الصدري طيلة الفترة الماضية، فيه نوع من محاولة استرضاء هذا التيار بما يعنيه ذلك من محاولة ضمان نوع من الهدوء والاستقرار النسبي يساعد الحكومة في تنفيذ مهامها. لكن يبقى أن القوى السياسية ليست مستعجلة على إجراء انتخابات مبكرة، وتدرك تماماً أن هناك استحالة في إجرائها ضمن هذه المهلة، خصوصاً وأنها تحتاج إلى تغيير قانون الانتخابات وإلى مفوضية جديدة ، وهي قضايا مختلف عليها وبقي البرلمان السابق يناقشها لعدة أشهر دون التوصل إلى نتيجة مرضية.
وفي النهاية، هل تتمكن حكومة السوداني من إحداث التغيير الذي ينتظره العراقيون بفارغ الصير؟ سؤال سوف تجيب عنه الأيام القادمة.