بقلم: مفتاح شعيب – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- مع بدء العد التنازلي للانتخابات النصفية الأمريكية، تتسارع التكهنات حول الصورة النهائية التي سيكون عليها مجلسا النواب والشيوخ بعد الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وسط توقعات بأن تواجه إدارة الرئيس جو بايدن صعوبات بشأن سياساتها الخارجية، خصوصاً ما يتعلق بأوكرانيا، في ضوء انشطار الحزب الديمقراطي، وانتقاد الجمهوريين لمقاربة البيت الأبيض حول هذه الأزمة.
بفعل دور الولايات المتحدة في النظام الدولي، تلقى انتخاباتها اهتماماً واسعاً، وملاحقة لكل تفاصيل المعركة بين الديمقراطيين والجمهوريين، لاسيما في هذا الظرف الذي يشهد أوضاعاً عالمية استثنائية، واضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية غير مسبوقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وهذه الأوضاع تحاول إدارة بايدن أن تتجاوزها وتنتصر فيها، جرياً على سنن الصراعات السابقة، لكن هناك نسبة كبيرة من الأمريكيين لا تميل إلى تبني هذا التصور الطوباوي الذي لا يستقيم مع المستجدات الطارئة، في ظل ما تشهده الولايات المتحدة من أزمة اقتصادية، وصعوبات في استيعاب تقلبات الأسواق العالمية، وهي حالة مستمرة منذ نهاية إدارة جورج بوش الابن قبل ثلاثة عشر عاماً، وإلى الآن لم يتم التوصل إلى صياغة واقعية، تمكن من تجاوز الصعوبات المتراكمة، بسبب جائحة “كورونا”، وموجة التضخم القياسية، وأزمة أوكرانيا، وقضايا أخرى.
الرئيس بايدن، الذي يتعرض إلى انتقادات واسعة، ليس في وضع جيد داخلياً ودولياً، وبدت مؤشرات خسارته وحزبه، أغلبية مجلس النواب، واضحة، من خلال الاستطلاعات والتوقعات، وأيضاً اعتماداً على قاعدة تاريخية، تكاد تكون ثابتة، وهي أن حزب الرئيس الحالي، يخسر دائماً مقاعد مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي، وهذه النتيجة لا تؤثر فيه شخصياً، فهو سيظل رئيساً للعامين المقبلين، لكن خسارته في الكونغرس، سيكون لها تأثيرها العميق في بقية فترة ولايته، كما تدق جرس الإنذار حول صعوبة قد تواجهه للفوز بولاية ثانية، وهو ما يمنح خصومه أوراق ضغط، تصل في بعض الأحيان حد المساومة.
في هذه المعركة يسعى الجمهوريون إلى تحقيق الأغلبية في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو السيطرة عليهما معاً، وإذا تحقق لهم ذلك فستصبح إدارة بايدن مشلولة، وستتأثر سياستها الخارجية، وهو ما يثير قلق الأوروبيين الذين يخشون أن تحد واشنطن بعد الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني، دعمها لأوكرانيا في مواجهة القوات الروسية. ومبعث الخوف تصريح لزعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفن ماكارثي أكد فيه أن حزبه لن “يكتب شيكاً على بياض لأوكرانيا” إذا فاز بالانتخابات. كما أن الانتقادات، التي يكيلها الرئيس السابق دونالد ترامب لبايدن حول هذا الموضوع، كانت مثيرة للاهتمام، على الرغم من أنها كانت أقرب إلى الثأر الشخصي منها إلى الموقف السياسي، كما أنها جزء من اللعبة الانتخابية.
مهما كانت الخلافات بين الديمقراطيين والجمهوريين فإنها لن تصل إلى الحد من دعم أوكرانيا؛ بل ربما سيتصاعد الأمر بعد الانتخابات النصفية، لأنهم جميعاً يعدون الأزمة معركة للولايات المتحدة. وبعد الثامن من نوفمبر لن تختلف السياسة الأمريكية عمّا كانت عليه، لكنها لن تكون في وضع أكثر أريحية على المسرح الدولي، بفعل احتدام الصراعات، وتوقع مفاجآت كبيرة في كثير من الملفات.