الشرق اليوم– التواصل العسكري بين روسيا والدول الغربية، خطوة إيجابية في بيئة دولية متفجرة لا أحد يعلم كيف ستكون خواتيمها. وهذا التواصل مهم الآن، للإبقاء على الخطوط مفتوحة، تفادياً لخطأ في الحسابات أو التقدير، ما يؤدي إلى الانزلاق نحو كارثة عالمية.
الاتصال الذي تم خلال اليومين الماضيين بين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ونظرائه في كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وتركيا، يدل على أن هناك وعياً بخطورة المرحلة، وضرورة عدم الانجرار نحو ما هو أسوأ، لذلك من المهم معرفة أسباب الخطر والقلق عند الآخر، لتدارك أي خطأ، إذا كانت هناك نية صادقة في عدم الوصول إلى مواجهة أوسع.
لقد أعرب وزير الدفاع الروسي عن مخاوفه في أن تلجأ أوكرانيا إلى استخدام “القنبلة القذرة” لإلقاء اللوم على روسيا، ما يستدعي رداً غربياً يؤدي في نهاية المطاف إلى تصعيد غير معروف النتائج، لكنه سيكون كارثياً إذا ما حصل.
من حق روسيا أن تقلق، وأن تعبّـر عن قلقها هذا للدول الغربية المعنية المتورطة بالحرب إلى جانب أوكرانيا، لكن على ما يبدو كان رد فعل العواصم الغربية سلبياً، إذ إنها وصفت القلق الروسي بـ”المزاعم الكاذبة”، وأشارت في بيان لوزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى أن هذه “المزاعم تستخدمها روسيا ذريعة للتصعيد المرفوض”، وفي نفس الوقت أكد الوزراء الثلاثة “مواصلة دعم أوكرانيا والشعب الأوكراني بالمساعدات العسكرية والاقتصادية والإنسانية”. في حين دعا الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي العالم إلى الرد على روسيا “بأقصى ما يمكن”.
الحديث عن “القنبلة القذرة” يأتي بعد الحديث عن “القنبلة النووية التكتيكية” والأسلحة النووية الأخرى، في خضم الحرب المستعرة في أوكرانيا، كتعبير عن مخاوف تستبد بالعالم في حال خرجت الأمور عن السيطرة. ومن حق العالم أمام حالة الانسداد السياسي القائم، وعدم رغبة الغرب في فتح قنوات اتصال دبلوماسية مع روسيا، أو تقديم مبادرات سياسية يمكن أن تفتح الباب أمام حل ممكن، أن يقلق ويعرب عن خشيته، مما يحمله التصعيد من مخاطر.
وبدلاً من أن تعمد الدول الغربية إلى الأخذ بالمخاوف الروسية والتشديد على رفض استخدام مختلف أسلحة الدمار الشامل، ومن بينها “القنبلة القذرة”، سارعت إلى اتهام روسيا بـ”التصعيد والكذب”.
وفي حال صدقت المخاوف الروسية، فهذا يعني أن الدول الغربية تتعمد التضليل من أجل التصعيد، باتهام روسيا باستخدام أسلحة الدمار الشامل، من أجل المضي في محاولات عزلها دولياً.
و”القنبلة القذرة” هي غير القنبلة النووية، وتفجيرها لا يؤدي إلى تفجير نووي، وهي عبوة ناسفة مصممة لنثر المواد ذات “التلوث الإشعاعي” في منطقة ما، على مساحة تحددها قوة التفجير وحجم المادة المشعة ونوعها، وضررها يكمن في تلويث المنطقة وتحويلها إلى ساحة للموت، جراء التسمم الإشعاعي المدمر للخلايا والأجهزة الحيوية، أو إحداث تشوهات في المادة الوراثية.