الشرق اليوم- منذ الإعلان عن المرسوم الذي أصدره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بفرض الأحكام العرفية وإعلان حالة الحرب في الأقاليم الأربعة شرق أوكرانيا انشغلت وسائل الإعلام الروسية بتوضيح أبعاده وتأثيراتها المحتملة على حياة الناس.
فالتقييدات التي يمكن أن تنجم عنه خلال فترة سريان هذا الحكم تلامس على حد سواء حقوق وحريات المواطنين الروس والمواطنين الأجانب وعديمي الجنسية والمسؤولين، والمنظمات والمؤسسات، بصرف النظرعن طبيعتها التنظيمية والقانونية وشكل ملكيتها.
وبعد نحو شهر واحد فقط من إعلانه التعبئة الجزئية في روسيا، وفي فصل جديد من إرتدادات الحرب الروسية الأوكرانية؛ أصدر الرئيس الروسي مرسومًا بفرض الأحكام العرفية وإعلان حالة الحرب في 4 أقاليم شرقي أوكرانيا، هي: دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا التي ضمتها روسيا بعد استفتاءات غير معترف بها دوليا.
وجاء المرسوم الرئاسي بعد ساعات من الإعلان عن إمكانية تعرض مدينة خيرسون ومناطق أخرى لعملية عسكرية واسعة النطاق تستعد لها القوات الأوكرانية. ويوضح المرسوم أن سبب فرض الأحكام العرفية هو “استخدام القوة المسلحة ضد وحدة أراضي الاتحاد الروسي”، في إشارة إلى قصف القوات الأوكرانية تلك المناطق، الذي تتحدث عنه السلطات المحلية يوميًا.
واقع جديد
ويعني إعلان الأحكام العرفية إدخال نظام خاص في جميع أنحاء الدولة أو في جزء من أراضيها بقرار من رئيس روسيا في شكل مرسوم، ويتطلب ذلك موافقة مجلس الاتحاد على تطبيق الأحكام العرفية في البلاد بأغلبية الأصوات في غضون 48 ساعة، وخلاف ذلك، وإذا رفض مجلس الاتحاد المرسوم الرئاسي؛ فإن المرسوم يفقد قوته القانونية في اليوم التالي.
والأحكام العرفية -حسب الدستور الروسي- نظام قانوني خاص يتم تطبيقه على أراضي الاتحاد الروسي أو في مناطق معينة منها في حالة تعرض البلاد لاعتداء، أو وجود تهديد بذلك، والهدف منها تهيئة الظروف لصد عدوان خارجي محتمل أو منعه.
ولا تقتصر الأعمال العدوانية -حسب الدستور الروسي- على مجرد الغزو أو الهجوم من قبل القوات المسلحة لدولة/دول أجنبية على أراضي روسيا، ولكن أيضًا استخدام هذه الدولة/الدول أي سلاح ضد روسيا.
ورغم أن إحدى بنود القانون الاتحادي بشأن الأحكام العرفية تشير إلى إمكانية إغلاق الحدود الروسية، فإن السكرتير الصحفي لرئيس البلاد ديمتري بيسكوف قال إن السلطات لا تخطط للقيام بذلك.
3 مستويات للإنذار
وأدخل بوتين نظام “الرد المتوسط” في 8 مناطق متاخمة لأوكرانيا، هي: شبه جزيرة القرم، وسيفاستوبول، وإقليم كراسنودار، وبلغورود، وبريانسك، وفورونيج، وكورسك، وروستوف.
أما في المناطق الأخرى من المقاطعات الفدرالية الوسطى (التي تشمل موسكو) والجنوبية، فتم إدخال نظام حالة التأهب القصوى (مستوى إنذار عالٍ).
وفي بقية المناطق الروسية، تم فرض ما يسمى مستوى الاستعداد الأساسي، حيث ينفذ المسؤولون عنها التدابير المطلوبة لتلبية احتياجات القوات المسلحة.
وحسب الأوضاع التي يمكن أن تنشأ في المناطق التي طالها المرسوم الجديد، يمكن اللجوء للإجراءات الاستثنائية التالية:
- تعزيز حماية النظام العام والمرافق الإستراتيجية.
- فرض العمل الإلزامي لاحتياجات الدفاع.
- فرض حظر التجول.
- إجراء تفتيش إجباري للمواطنين واحتجازهم عند الضرورة لمدة تصل إلى 30 يومًا.
- الاستيلاء على أملاك المواطنين مع تعويضهم لاحقًا عن قيمتها.
- الحد من الدخول والخروج والحركة في المناطق المذكورة.
- فرض قيود على اختيار مكان الإقامة.
- حظر السفر من روسيا.
- طرد الأجانب.
- تقييد بيع الأدوية والكحول والأسلحة والمواد الخطرة.
- حظر التجمعات والإضرابات.
- فرض الرقابة العسكرية على البريد ووسائل الإعلام.
- مراقبة المحادثات الهاتفية.
- تعليق أنشطة الأحزاب السياسية والمنظمات الأجنبية والدولية التي تؤدي دعايتها إلى زعزعة أمن البلاد.
- رفع مستوى السرية في بعض المؤسسات والهيئات الحكومية.
- إخلاء الشركات والممتلكات الثقافية والسكان بشكل مؤقت.
هل سيتم تطبيق الأحكام العرفية في مناطق أخرى؟
يرى المحلل السياسي سيرغي بيرسانوف أن إدخال الأحكام العرفية في المناطق الأربع سيؤثر على حياة السكان (على عكس أنظمة الاستجابة الأخرى)، لأن كل شيء فيها سيخضع إلى تصرفات قوات الأمن، أي أن الحاكم سيتحول في الواقع إلى قائد عسكري أعلى.
ويشير إلى أنه رغم الزيادة الكبيرة في صلاحيات السلطات، فإنه لن يتغير الكثير بالنسبة لسكان المناطق الأربع، حيث ظلت الأعمال القتالية في هذه المناطق على حالها.
لكنه يوضح أن تطبيق الأحكام العرفية في المناطق الحدودية احتمال قائم فقط في حال غزو القوات المسلحة الأوكرانية هذه الأراضي، لكن هذا -حسب رأيه- غير مرجح، لأن العواقب بالنسبة لأوكرانيا ستكون كارثية.
تحصيل حاصل
ووفقًا له، فإن حالة الأحكام العرفية لا تستلزم الإعلان عن التعبئة الكاملة، لكن هذا سيسمح بتشكيل وحدات مليشيا شعبية، على سبيل المثال.
ويتابع أن المرسوم الرئاسي هو تقنين لحالة الأحكام العرفية في المناطق التي استمرت فيها الأعمال القتالية لمدة 8 سنوات، وكانت قائمة طوال هذا الوقت، لكن إدخالها من قبل الرئيس بوتين جاء لتقنينها.
انعكاسات اقتصادية
اما الخبير الاقتصادي فيكتورلاشون فيرى أن إعلان الحرب سيؤدي أولا وقبل كل شيء إلى زيادة في نفقات الميزانية، لكن التكاليف -حسب رأيه- ستكون غير حرجة على الإطلاق.
وقال إنه ستكون هناك إعادة توزيع جزئية في موارد الميزانية، ومن المحتمل أن يتم وقف تمويل المشاريع غير الفعالة والأقل إلحاحًا، وتوجيه المزيد من الأموال إلى الاحتياجات الأساسية.