الرئيسية / مقالات رأي / خيط واحد بين أربع عواصم

خيط واحد بين أربع عواصم

بقلمك سليمان جودة – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- ليس من الصعب على المراقب لما يجري في المنطقة من حولنا، أن يرصد عدداً من التفاعلات التي يضمها في النهاية خيط واحد، وهو خيط يؤشر إلى شيء يبعث على التفاؤل بمعنى من المعاني.

فعلى الرغم من الانتخابات البرلمانية التي جرت في العراق في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن أطراف العملية السياسية ظلت عاجزة على مدى ما يقرب من سنة كاملة عن تشكيل حكومة جديدة، وكان الشدّ والجذب بين هذه الأطراف هو العنوان الجامع لتلك السنة كلها.

ولم تكن الحكومة العراقية وحدها هي المتعثّرة على مدى السنة، ولكن البرلمان العراقي نفسه كان يجد صعوبة هو الآخر في انتخاب رئيس جديد، خلفاً للرئيس برهم صالح الذي انتهت فترة ولايته.

وقبل أيام قليلة استيقظت المنطقة على اجتماع للبرلمان، وعلى انتخاب عبد اللطيف رشيد رئيساً، وعلى تكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة، وكان هذا كله مما يبعث في مجمله على التفاؤل بما يمكن أن يعيشه العراق من هدوء في الفترة المقبلة، بعد أن أرهقه العنف والجدل والصخب.

وفي السودان تناثرت أنباء هنا وهناك ولا تزال تتناثر عن التوصل إلى تسوية بين المكونين العسكري والمدني في البلاد، بما يقود إلى مجيء رئيس مدني على رأس الحكومة، إلى أن تنتهي المرحلة الانتقالية وتنعقد الانتخابات.

وكانت هذه الأنباء مما يبعث على الأمل في السودان، الذي لم يعرف الهدوء منذ سقوط نظام حكم البشير قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، ومن الواضح أن “الآلية الثلاثية” التي تتولى التسوية ترغب في أن يهدأ السودان أخيراً، وأن ينفق وقته وجهده في العمل من أجل المستقبل، بدلاً من الصراعات التي جنت على الجميع.

وفي الجزائر كانت الفصائل الفلسطينية على موعد للاجتماع حول طاولة الرئيس عبدالمجيد تبون، وكان قادتها مدعوين إلى التوقيع على “وثيقة إعلان الجزائر” التي تضم عدداً من البنود أهمها أن تُجرى انتخابات برلمانية ورئاسية في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، خلال موعد أقصاه عام من تاريخ التوقيع على الوثيقة.

وإذا كان إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، قد حضر التوقيع ورفع أصبعيه: السبابة والوسطى بعلامة النصر، فالأمل أن يكون ذلك إشارة إلى أن هذه الوثيقة ستصادف روحاً مختلفة بين الفصائل الموقّعة عليها، وأن تجرى الانتخابات بالفعل في موعدها المتفق عليه، وأن تكون الوثيقة بداية لطريق جديد يسلكه الفلسطينيون معاً في الضفة وفي القطاع.

وفي لبنان استيقظنا تزامناً مع هذا كله على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين بيروت وتل أبيب، وأصبح من حق اللبنانيين التنقيب عن الغاز في حقل قانا، الذي ثار حوله خلاف شديد طوال الأسابيع الماضية بين اللبنانيين والإسرائيليين.

ومما قيل بعد الاتفاق أن العائد المتوقع من هذا الحقل على لبنان يصل إلى خمسة مليارات دولار في السنة، وهو عائد سيسهم بالتأكيد في مساعدة اللبنانيين للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي حاصرتهم ولا تزال تحاصرهم.

وهكذا نجد أنفسنا من بغداد إلى الخرطوم، إلى الجزائر العاصمة، إلى بيروت، أمام أحداث أربعة يجمع بينها خيط واحد، ونجد أن التفاؤل من بين مفردات هذا الخيط الواحد، ونجد أن المنطقة ربما تكون على موعد ما، يجعلها تهدأ قليلاً وتستريح بعد طول مكابدة وعناء.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …