بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- طي صفحة الانسداد السياسي التي أعقبت الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، لم يكن سوى خطوة أولى على طريق حل المشاكل والأزمات المتراكمة والمستعصية التي تعانيها البلاد، وسط تحديات كبيرة وشائكة ينبغي معالجتها في المرحلة المقبلة.
انطلاقاً من الظروف التي أفرزت رئيساً جديداً للبلاد ومن ثم تكليف شخصية جدلية من الوسط التقليدي لتشكل حكومة جديدة، لا ينبغي تجاهل التراكمات السابقة بما في ذلك التوترات والمصادمات التي بلغت حد العنف في أواخر أغسطس/آب الماضي، والتي ستظل حاضرة بقوة في المرحلة المقبلة، ما لم يتم التوصل إلى تسويات بين الأطراف السياسية، أو وضع حلول جذرية للمشاكل التي يعاني منها المجتمع والدولة العراقية. ومن ذلك، على سبيل المثال، عودة الخلافات الكردية بعد يوم واحد من انتخاب عبد اللطيف رشيد رئيساً للبلاد إلى ما كانت عليه، حيث يزعم كلا الحزبين الكبيرين، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الوطني الديمقراطي، أنه “كسر إرادة” الآخر، وبالتالي فإن استمرار هذه الخلافات سيترك تأثيراته السلبية في مجمل الساحة العراقية.
التحدي الأهم يكمن في قدرة رئيس الحكومة المكلف محمد شياع السوداني على تشكيل حكومة تأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف السياسية المؤثرة، خصوصاً أن السوداني كان سبباً رئيسياً في التوتر والصدام الدموي الذي جرى في أواخر أغسطس (آب) الماضي بين التيار الصدري وقوى “الإطار التنسيقي”. وحقيقة إعادة تثبيته، بما يعنيه ذلك من انتصار معنوي ل “الإطار التنسيقي”، لا تعني أن الطريق بات ممهداً لفرض هيمنة قوى “الإطار” على الساحة السياسية، على الرغم من محاولة السوداني، عقب تكليفة، طمأنة تلك القوى، بالتركيز على الوحدة الوطنية وعدم إقصاء أو تهميش أي منها.
ذلك أن صمت التيار الصدري، حتى الآن، يمكن تفسيره بطريقتين، وفق المراقبين، إما أنه يريد، وهو يرى عودة حكومات المحاصصة المناقضة لمشروعه السياسي، من الحكومة المقبلة الممثلة لخصومه السياسيين أن تتخذ خطوات معينة، يعتقد أنها ستصطدم بالشارع، وبالتالي فإنه سيعود لمواجهتها في الشارع أيضاً، وهو صاحب القاعدة الجماهيرية الأوسع، ويعمل لإسقاطها وفرض العودة لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة على أمل تغيير المعادلات القائمة.
وإما أن التيار الصدري قد توصل إلى تسوية مسبقة مع “الإطار التنسيقي” تحفظ مصالحه، مقابل إعطاء فرصة للحكومة الجديدة لحل مشكلات المجتمع والدولة العراقية. وفي هذه الحال، سيكون أمام السوداني تحد أساسي يتمثل في كيفية تجاوز عقبات المحاصصة الطائفية والسياسية وتشكيل حكومة جديدة ترضي جميع الأطراف، في غضون المهلة المحددة ب 30 يوماً تجنباً لعدم الدخول في متاهات التمديد والتجاذبات السياسية، وتضع نصب عينها تهيئة الظروف لانتخابات محلية وتشريعية جديدة.
وخلال هذه الفترة، سيكون التحدي الحقيقي للحكومة الجديدة، إلى جانب التحديات السياسية والاقتصادية ومحاربة الإرهاب، هو تطهير الدولة ومؤسساتها من الفساد والفاسدين، ووضع الخطط الكفيلة بالتنمية والنهوض بالمجتمع العراقي وتوفير الفرص للعاطلين عن العمل وقبل ذلك توفير الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والخدمات الأساسية للعراقيين.