بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- مع اقتراب انتهاء مهلة الاستحقاق الرئاسي اللبناني نهاية الشهر الحالي، لا تزال القوى السياسية تبحث عن رئيس توافقي للبلاد، إدراكاً منها بأن أي من الكتل السياسية غير قادرة على فرض رئيس جديد، سواء بمفردها أو عبر التحالفات، نظراً للتوازنات الداخلية الموجودة على الصعيدين السياسي والنيابي.
وبالتالي، فإن الصورة لا تزال ضبابية، ليس فقط حول هوية الرئيس اللبناني الجديد، وإنما حول إمكانية الالتزام بالمهلة الدستورية المحددة، وانتخاب رئيس جديد من عدمه، في ظل الانقسام الحاد والمناورات التي تقوم بها مختلف القوى السياسية، في رهان على إمكانية استقطاب بعض القوى لحساب هذا الطرف السياسي أو ذاك.
هذا يعني أن الغموض، سيبقى سيد الموقف حتى اللحظة الأخيرة، حيث ستضطر القوى السياسية إلى الكشف عن أوراقها الحقيقية، التي إما أن تقود إلى التوافق وانتخاب رئيس جديد، استناداً إلى التوازنات الإقليمية والدولية المرتبطة بلبنان في تلك اللحظة، وهذا مستبعد حتى الآن، أو إلى تجاوز المهلة الدستورية والدخول في حالة الفراغ الدستوري المفتوحة على كل الاحتمالات. هو الاحتمال الذي بات مرجحاً لدى الكثير من المراقبين السياسيين، وحتى الفرقاء اللبنانيين، الأمر الذي دفع هؤلاء الفرقاء إلى إعادة الملف الحكومي إلى الواجهة، والبحث في إمكانية تعويم حكومة تصريف الأعمال مع إجراء بعض التعديلات، أو تشكيل حكومة جديدة، لكي تتحمل مسؤولية إدارة الدولة ومؤسساتها في ظل الفراغ الرئاسي ريثما يتم انتخاب رئيس جديد وهي فترة قد تطول وتنذر بحالة من الفوضى وعدم الاستقرار لا أحد يمكنه التكهن بنتائجها.
بالتأكيد، لا أحد يرغب في الذهاب إلى الفوضى، لكن يبدو أن المعادلة الرئاسية التي قد تنال رضى الجميع داخلياً وخارجياً لم تنضج بعد، وبالتالي، فإن القوى السياسية تعكف على تكثيف مشاوراتها واتصالاتها لبناء معادلة تأخذ في الاعتبار حدود ما هو ممكن وما هو غير ممكن لإرساء قاعدة للتوافق المأمول.
ذلك أن كل ما سبق، لا يعدو كونه مجرد محاولات “جس نبض” بين القوى السياسية، بما ذلك انعقاد الجلسة الانتخابية للبرلمان نهاية سبتمبر الماضي، والتي كشفت جزئياً عن بعض نوايا “المعارضة” حين طرحت مرشحاً للرئاسة وهي تدرك أن فرصته شبه معدومة في الفوز بالمنصب، نظراً لرفض “الموالاة”، إن جاز التعبير، لترشيحه، باعتباره يمثل قوى سياسية بعينها، في حين لم تفصح “الموالاة” عن نواياها، وأبقت خيارتها غامضة، حينما لجأت إلى خيار “الورقة البيضاء”، في مؤشر على احتفاظها بأوراق القوة التي تمتلكها حتى اللحظة الأخيرة.
ولا ينتظر أن تسفر جلسة البرلمان الانتخابية المقبلة، إن عقدت، عن نتائج جدية طالما أن الأطراف السياسية لا تزال تتشبث بمواقفها حتى ولو كانت تبحث عن إنضاج معادلة تسمح بترشيح شخصية سياسية تحمل مشروعاً إنقاذياً وتحظى بتوافق الجميع، وتتوفر فيها القوة والحيادية والنزاهة، وقبل ذلك الوطنية اللبنانية التي تحافظ على هوية لبنان وعروبته ووحدته وسيادته واستقلاله، وبناء أفضل العلاقات مع محيطه العربي والإقليمي، من دون أن تخضع للضغوط والإملاءات الخارجية.