الشرق اليوم- بعد حوالي سنة على الانتخابات النيابية التي فاز فيها التيار الصدري بالأكثرية (73 نائباً)، لا يزال العراق رهينة صراعات سياسية متفاقمة، وصفها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بأنها واحدة “من أصعب الأزمات السياسية منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003”.
حتى الآن لم يتمكن المكون المؤلف من التيار الصدري و”الإطار التنسيقي” من الاتفاق على مرشح لرئاسة الحكومة، ولا المكون الذي يضم الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني والحزب الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني استطاع التغلب على خلافاته واختيار المرشح لرئاسة الجمهورية، كما فشلت كل المبادرات التي بذلت على مدار عام كامل في تجسير الفجوة بين هذه الأطراف، بل وصل الصراع إلى الشارع ووقوع مصادمات دامية سقط فيها قتلى وجرحى داخل المنطقة الخضراء، بعدما سدت كل الأبواب أمام التيار الصدري لتشكيل حكومة أغلبية سياسية خارج المحاصصة الطائفية، بمشاركة تحالفي “السيادة” بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني.
بعدما تخلى التيار الصدري عن محاولة تشكيل الحكومة وسَحَب نوابه من البرلمان، جرب “الإطار التنسيقي” حظه بتشكيل حكومة، ورشح لرئاستها محمد شياع السوداني، لكنه فشل أيضاً أمام واقع التحرك الشعبي المعارض للإطار واحتمال انفجار الوضع الأمني بعدما رفض التيار الصدري أية حكومة يشكلها السوداني.
وبالنسبة للمكون المؤلف من الحزبين “الديمقراطي” و”الوطني” فالوضع لا يختلف كثيراً، إذ فشلت كل اللقاءات التي عقدت بين الحزبين في الاتفاق على مرشح واحد للرئاسة، ذلك أن الحزب الوطني الكردستاني يصّر على أن تكون الرئاسة من حصته، باعتبار أن “الحزب الديمقراطي” يسيطر على منصبي رئيس إقليم كردستان وحكومة الإقليم حالياً، إضافة إلى خلافات تدور حول دستور إقليم كردستان، ومسألة تشكيل مفوضية الانتخابات التي من المفترض أن تجرى في شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل حيث يتم انتخاب رئيس الإقليم والبرلمان معاً، إلا أن هناك ترجيحات بتأجيلها إلى حين حسم الخلافات بين الحزبين، والتوافق بين القوى السياسية النافذة هناك.
العراق في مأزق صعب وأبواب الحلول موصدة حتى الآن، واحتمالات أن تتدحرج الأوضاع نحو الأخطر قائمة، ما لم تبادر القوى السياسية العراقية إلى التنازل عن مواقفها السابقة والدخول في حوار لا بد منه للتوصل إلى صيغة مقبولة من الجميع على قاعدة إجراء انتخابات نيابية جديدة قد تفرز واقعاً سياسياً جديداً. ولعل إعلان الكاظمي عزمه على الدعوة إلى جولة ثالثة من الحوار الوطني، بمشاركة التيار الصدري هذه المرة، تفضي إلى حل من منطلق “المسؤولية التاريخية” حسب الكاظمي و”تقديم تنازلات من أجل الشعب العراقي”.
البرلمان العراقي الذي لم يجتمع منذ 23 يوليو/ تموز الماضي من المقرر أن ينعقد اليوم (الأربعاء) للتصويت على استقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وهو اجتماع شكلي لتجديد الثقة برئيسه، لكنه علامة على عودة الحياة إلى البرلمان في إطار استئناف الحراك السياسي لإخراج العراق من أزمته المستعصية.. لعل وعسى.
المصدر: صحيفة الخليج