بقلم: سباشتيان مالابي
الشرق اليوم- هل الصين قوة اقتصادية هائلة، تتفوق بسرعة على الولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا؟ أم هي عملاق مريض، محكوم عليه بالفشل نظرا لجملة من المعوقات من ضمنها التراجع الديموغرافي، وأزمة قطاع العقارات والإملاءات الحكومية التي تأتي بنتائج عكسية؟
إن الوصفين الواردين في السؤال ينطبقان على الصين، لكن نقاط ضعف “العملاق” باتت تطغى على نقاط قوته.
وحول صعود الصين وقوتها في مجال الاقتصاد والتعليم والبحث العلمي، فإن إنفاق بكين على البحث والتطوير في القطاعين الحكومي والخاص لم يتجاوز تُسع إنفاق الولايات المتحدة عام 2000 وفق إحصاءات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. لكن هذا الرقم قفز ليصبح 85% من إنفاق الولايات المتحدة بحلول عام 2020.
حققت بكين الريادة العالمية في مجالات إستراتيجية عديدة، فالشركات الصينية على سبيل المثال متصدرة في مجال صناعة الطائرات المسيرة ومعدات شبكات الجيل الخامس للإنترنت. وقد حذر إريك شميدت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، من أن بكين ستتفوق على واشنطن في السباق التكنولوجي. وقد تشكل تلك الخسارة تهديدا وجوديا للولايات المتحدة إذ قد تشمل تفوق الصين في مجال التكنولوجيا العسكرية.
ويقول أيضا إنه بالرغم من كل ما سبق فإن قادة الصين يواجهون تحديات كبرى، حيث تشير التوقعات إلى أن نمو الاقتصاد سيكون في حدود 3% هذا العام، وهو رقم أقل بكثير من 5.5% التي تسعى الحكومة لتحقيقها، وهي نسبة متدنية جدا مقارنة بـ 8% التي حققها اقتصاد البلاد خلال العقد الماضي.
عوامل التصدع
ويرجع تباطؤ نمو اقتصاد الصين إلى جملة من المعوقات والتي تعد أحد المؤشرات على بداية تصدع هذه القوة العظمى، من بينها سياستها المتعلقة بالتعاطي مع وباء كورونا، فقد تسبب قرار عدم استيراد اللقاحات الأجنبية في فرض عمليات إغلاق شديدة القسوة منذ بداية تفشي الوباء. وأضر الإغلاق الذي فرض على عشرات المدن باقتصاد هذه البلاد كما أدى لاضطراب سلاسل التوريد العالمية.
وهناك عامل آخر أضر بالاقتصاد الصيني وهو أزمة قطاع العقارات، حيث اتخذت بكين قرارًا سياسيًا بعدم تشجيع القطاع الخاص باعتباره لا يخدم أهداف الحزب الشيوعي للنهوض.
كما أن إجراءات -من قبيل تلاعب الصين بسعر صرف العملة المحلية وإصدار الحزب الشيوعي الحاكم أوامر للبنوك بتمويل الطفرة العمرانية التي شهدتها البلاد- قد ساهمت في تعزيز النمو الاقتصادي مؤقتا، لكنها استبدلت شراء السندات الأجنبية بديون محلية غير مستدامة، مما أدى إلى تخلف كبرى الشركات المطورة للعقارات عن سداد ديونها.
ونتيجة لهذه الإجراءات شهدت أكثر من 100 مدينة حركة لمقاطعة الرهن العقاري، وشهدت أسعار العقارات تراجعا على مدى 12 شهرا وسط غضب المواطنين الذين اشتروا شققا لم تبن بعد وأخفقت الشركات في تسليمها لهم.
ونظرًا لأن قطاع العقارات يمثل أكثر من ربع الاقتصاد الصيني، فإن انهيار القطاع يهدد بتراجع أكبر للنمو الاقتصادي.
ومن ضمن المؤشرات على تصدع الصين، التراجع الديموغرافي والخلل في التركيبة السكانية نتيجة للسياسات التي انتهجها الحزب الحاكم ما بين 1979 و2016 والتي كانت تستهدف الحد من الإنجاب، ولم تكن تسمح للأسر بإنجاب أكثر من طفل واحد، الأمر الذي شجع الإجهاض الانتقائي مما أخل بالتوازن بين الجنسين في التركيبة السكانية.