سابرينا شيفر
الشرق اليوم- التزمت اليابان بدعم الحرية والانفتاح في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، لكنها لم توضح مدى استعدادها لتقديم المساعدات إلى تايوان إذا وقع هجوم صيني ضدها، وستصبح اليابان معرّضة لأي اعتداءات صينية محتملة في بحر الصين الشرقي لأنها تقع في جوار تايوان، كذلك، لا مفر من أن تتورط طوكيو في أي صراع مع بكين، نظراً إلى العلاقات العسكرية الوثيقة بين اليابان والولايات المتحدة، فمن الواضح إذاً أن مشكلة تايوان تعني اليابان أيضاً.
يجب أن تتعاون اليابان مع الولايات المتحدة لمنع أي هجوم صيني ضد تايوان والاستعداد لإطلاق رد عسكري مشترك، لكن يبقى القول أسهل من الفعل طبعاً، حيث يسمح قانون العلاقات مع تايوان من عام 1979 للولايات المتحدة بدعم الجيش التايواني، لكن لا وجود لأي قانون مماثل في اليابان، مما يجعل التنسيق العسكري بين اليابان وتايوان بالغ الصعوبة، وفي ظل تصاعد التهديدات التي تنذر بوقوع هجوم من بر الصين الرئيسي، يُفترض أن تبتكر اليابان الطرق المناسبة لتنسيق التحركات العسكرية مع تايوان، بما يتماشى مع قيود السياسة المعمول بها.
قد يكون “إطار التدريب على التعاون العالمي” (يشمل أربعة أعضاء أساسيين: الولايات المتحدة، وتايوان، واليابان، وأستراليا) أداة محتملة لتعزيز التنسيق العسكري بين اليابان وتايوان، وتُشجّع هذه المنصة على تقاسم المعلومات وتكثيف التعاون بين الدول في مسائل مثل المساعدات الإنسانية، وجهود الإغاثة عند وقوع الكوارث، وحقوق المرأة، والصحة العامة، والثقافة الإعلامية، والطاقة النظيفة، ومن خلال التعاون في مجال المساعدات الإنسانية وجهود الإغاثة، تستطيع اليابان وتايوان أن تقرّبا جيشَيهما من بعضهما وتنفّذا تدريبات مشتركة من دون تعديل السياسة المتّبعة بطريقة تثير قلق بكين.
مستوى التعاون العسكري الراهن
على عكس الولايات المتحدة، لا تدعم اليابان حق تايوان في الدفاع عن نفسها عبر مبيعات الأسلحة، حتى أن اليابان تفتقر إلى أي إطار عمل قانوني لتعزيز تنسيقها العسكري مع تايوان مستقبلاً، ومنذ عام 1972، لم تعترف اليابان بجمهورية الصين في تايوان كحكومة شرعية، بل تستند سياستها الرسمية تجاه تايوان إلى مبدأ “علاقات العمل على أساس غير حكومي”. هذه المقاربة تجعل تنسيق الردود العسكرية بين اليابان وتايوان شبه مستحيل، ففي 4 يونيو 2022، قررت اليابان أن ترسل أول ملحق عسكري على الإطلاق إلى مكتبها التمثيلي في تايوان، وقبل هذا القرار، كانت اليابان تكتفي بتعيين ضباط عسكريين متقاعدين في تايبيه، ربما أنقذ هذا الغموض الاستراتيجي اليابان من خوض صراع مباشر مع الصين بسبب تايوان، لكنه لن يحميها من الوقوع في مرمى نيران الحرب.
مع ذلك، تستطيع اليابان أن تنسّق جهودها العسكرية مع الولايات المتحدة وتايوان من دون إحداث تعديلات كبرى وصريحة في سياستها، ومنعاً لتصاعد الاضطرابات مع بر الصين الرئيسي، يجب أن يبقى التنسيق العسكري بين طوكيو وتايبيه ضمنياً وألا يشمل تغيرات سياسية بارزة، ويمكن استعمال “إطار التدريب على التعاون العالمي” كقناة تواصل للتنسيق العسكري، فقد صمّمت الولايات المتحدة وتايوان هذا الإطار عام 2015 بهدف استعمال نقاط قوة تايوان وخبرتها في معالجة المسائل العالمية ذات الاهتمام المشترك، ومنذ ذلك العام انضمّت اليابان وأستراليا إلى “إطار التدريب على التعاون العالمي” باعتبارهما شريكتَين أساسيتَين، وشاركت 108 بلدان في ورش العمل التابعة لهذه المبادرة. كان إطار العمل يحمل في الأساس أهدافاً إنسانية، لكن يمكن استعماله أيضاً للتنسيق العسكري، وتحت مُسمّى المساعدات الإنسانية وخطط الإغاثة من الكوارث، تستطيع الولايات المتحدة واليابان وتايوان أن تنفذ تدريبات عسكرية مشتركة من دون إثارة ذعر بكين. تتعدد البلدان المعرّضة لكوارث طبيعية مثل الزلازل في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، ولهذا السبب، يجب أن يُركّز “إطار التدريب على التعاون العالمي” على تطوير ممارسات لإدارة الكوارث وبناء ثقافة تُسهّل الاستعداد للتعامل معها، ففي أكتوبر 2020، دعت دراسة أجراها “معهد تايوان العالمي” الولايات المتحدة وتايوان إلى تنفيذ خطة لمتابعة تقاسم الأفكار والمعلومات حول كيفية التحكم بالحالات الطارئة، بما يخدم مصلحة البلدَين، كذلك، تدعو تلك الدراسة إلى استعمال “إطار التدريب على التعاون العالمي” لتنسيق طريقة إدارة الكوارث، وتقترح تنظيم زيارات شخصية للمواقع لإطلاق نقاشات عميقة حول التعلّم المتبادل، ويمكن تطبيق هذه التوصيات على اليابان التي تُعتبر جزءاً أساسياً من “إطار التدريب على التعاون العالمي”.