بقلم: أسعد عبود – النهار العربي
الشرق اليوم- تنعقد الدورة السنوية العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة هذه السنة بحضور شخصي لرؤساء الدول والحكومات الأعضاء في المنظمة الدولية، بعد عامين من الاجتماعات الافتراضية لمعظمهم، بسبب وباء كوفيد-19.
ويصادف انعقاد الجمعية العمومية، انفجار أزمات دولية خطيرة، أبرزها الحرب الروسية – الأوكرانية، وما ولدته من انعكاسات حادة في مجالي الأمن الغذائي والطاقة في مناطق كثيرة من العالم، بما يهدد باندلاع اضطرابات اجتماعية في الكثير من الدول، وخصوصاً الفقيرة منها، وسريلانكا مثال…
من المسلم به، أن النزاع الأوكراني هو الأخطر الذي يشهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية، لأن من المحتمل أن يؤدي في حال تصاعده إلى صدام مباشر بين روسيا والولايات المتحدة، وسط تلميحات إلى احتمال استخدام السلاح النووي أو تسرب إشعاعات من محطة زابوريجيا النووية التي تدور حولها المعارك.
وبإلقاء نظرة سريعة على الحوادث المتسارعة، يتبين أن العالم يشهد أيضاً تفجر نزاعات حدودية أخرى، تهدد بمزيد من الخسائر البشرية والمادية وبموجات أخرى من النزوح. فهناك المعارك المتجددة بين أرمينيا وأذربيجان في القوقاز، وبين طاجيكستان وقرغيزستان في آسيا الوسطى.
وفي الشرق الأوسط، يتوقع آخر تقرير للأمم المتحدة أن يتجدد القتال فيها على نطاق واسع، بسبب تعثر العملية السياسية منذ سنوات. والعراق على وشك الدخول في حرب أهلية أخرى بسبب الصراعات على السلطة. وليبيا هي الأخرى، مهددة بعودة الاقتتال بعدما أخفقت المنظمة الدولية في تقريب وجهات النظر بين القوى المتنازعة. وهدنة اليمن لا تزال هشة لأنه لم ترافقها جهود سياسية لتحصينها. وملف الصحراء الغربية يتجه أيضاً إلى مزيد من التعقيد، والصراعات العرقية في إثيوبيا تذر بقرنها من جديد.
وفي منطقة الساحل غرب أفريقيا، تحقق المنظمات المتطرفة مكاسب جديدة في شمال مالي وفي المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو. والهجمات التي تشنها هذه التنظيمات، وفي مقدمها “القاعدة” و”داعش”، في تصاعد، بما يلقي بالمزيد من التحديات أمام حكومات هذه المنطقة وكذلك المجتمع الدولي.
ولا يقل حدة، الوضع داخل أفغانستان بعد مضي عام ونيف على الانسحاب العسكري الأمريكي من هذا البلد. فالأزمة الإنسانية تتفاقم بسبب تجميد الولايات المتحدة الأصول الأفغانية في المصارف الأميركية. وانعكس الخلاف بين أميركا وحركة “طالبان”، تردياً في مستوى معيشة الغالبية الساحقة من الأفغان الذين هم في حاجة ماسة إلى تأمين المساعدات الإنسانية.
ويحد الضغط الاقتصادي والسياسي الأمريكي، من الدور الذي يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة في التخفيف من المعاناة الإنسانية للأفغان العاديين، الذين يدفعون ثمن الصراع بين واشنطن و”طالبان”، ولا يجدون مخرجاً أمامهم سوى السعي إلى اللجوء إلى دول أخرى.
ولا ينفصل عن المناخات الدولية المتأججة، التعثر في مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى الغربية، وما يجره التعثر من انعكاسات سلبية على الأزمات الإقليمية.
كما أن الوضع في المحيط الهادئ ينذر بمواجهة بين الصين وتايوان ومن خلفها الولايات المتحدة، في علامة أخرى على أن العلاقات الدولية تعاني خللاً كبيراً هذه الأيام.
وسط كل هذه الأزمات الطارئ منها والمستجد، تنعقد الدورة العادية للأمم المتحدة، وسط آمال ضعيفة بأن تؤدي اللقاءات على هامش هذه الدورة، إلى الحد من الاستقطاب الدولي المتصاعد، الذي يترجم حروباً ونزاعات مسلحة مع ما يرافقها من مآس إنسانية، تجعل البشرية بمجملها في موقع ضعيف أمام التحديات الكبرى الماثلة أمامها.
فهل تلاقي الأمم المتحدة مصير عصبة الأمم، التي قضت عليها الطموحات التوسعية للدول في الثلاثينات على أبواب الحرب العالمية الثانية؟