الشرق اليوم- على مدى نحو ستة أشهر من الغزو الروسي لأوكرانيا، حصلت كييف على آلاف القطع العسكرية التي ساعدتها في معاركها ضد القوات الروسية، لاسيما الأسلحة الثقيلة التي كان لها دور بارز في تغيير ميزان القوى.
وفي بداية المعارك، اعتمدت أوكرانيا بشكل أساسي على الطائرات بدون طيار والأسلحة المضادة للدبابات قبل أن تتجه إلى المدفعية الثقيلة فيما بعد والتي تلقتها من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وحلفاء آخرين.
وعلى سبيل المثال، أعطت الصواريخ الأمريكية الدقيقة “هيمارس”، التي تلقتها كييف في يونيو، دفعا كبيرا للعمليات، ومن المقرر وصول شحنات من واشنطن أخرى قريبا.
صواريخ “جافلين” المضادة للدبابات
زود الحلفاء الغربيون الجيش الأوكراني بحوالي 17 ألف صاروخ خفيف يمكن إطلاقه من على الكتف وذاتي التوجيه والذي بات السلاح المفضل في الحرب البرية.
ومن بينها، صواريخ “جافلين” أمريكية الصنع المصممة لاستهداف الدفاعات المضادة للصواريخ في الدبابات الروسية، والتي باتت أسطورية بفعاليتها، بحسب “فرانس برس”.
وانتشرت صور لجنود أوكرانيين حاملين قاذفات صواريخ جافلين على أكتافهم، في كل أنحاء العالم، ما جعل هذا السلاح رمزا للمقاومة.
وتلقت القوات الأوكرانية أيضا آلاف الأسلحة الأخرى المضادة للدبابات بما فيها “NLAW” البريطانية و”AT4″ و”Carl-Gustav” السويدية و”Panzerfausts” الألمانية و”Instalaza C90″ الإسبانية.
لكن “جافلين” صارت السلاح المفضل لدرجة أنه تم تداول “ميم” على مواقع التواصل تبدو فيها أيقونة دينية، وتم تأليف أغنية أوكرانية شهيرة تمجدها.
“ستينغر”.. صاروخ مضاد للطائرات
وحصلت أوكرانيا على صواريخ من طراز “ستينغر” المضادة للطائرات وهي صواريخ محمولة على الكتف تستخدم الأشعة فوق البنفسجية.
وكانت واشنطن قد زودت المقاتلين الأفغان بها في التسعينات ليتمكنوا من إسقاط المروحيات الروسية.
واستخدمها الأوكرانيون بفاعلية ضد المروحيات الروسية والطائرات الهجومية الأبطأ والتي تحلق على ارتفاعات منخفضة وذات الأجنحة الثابتة.
وتلقت القوات الأوكرانية من الجيش الألماني 500 صاروخ “ستينغر”، ونحو 500 صاروخ أرض-جو من طراز “ستريلا”.
“بيرقدار”.. “الفخر” التركي
شغلت أوكرانيا بشكل أساسي طائرات بدون طيار تركية من طراز “بيرقدار”، بالإضافة إلى طائرات صغيرة تستخدم بشكل كبير للاستطلاع.
وألحقت طائرات “بيرقدار” الضرر بشدة بالأرتال الروسية في بداية الغزو، واستخدمت لاستهداف سفينة روسية ضخمة في جزيرة الأفعى وسط البحر الأسود في عملية وثقت في فيديو.
وهذه المسيرة قادرة على التحليق لمدة تصل إلى 27 ساعة بلا توقف وبسرعة 220 كيلومترا في الساعة، على ارتفاع تشغيلي يتراوح بين 18 و25 ألف قدم حسب موقع الشركة المنتجة “بايكار”.
ويمكنها أن تحمل “أربع ذخائر ذكية موجهة بالليزر”.
مدافع “هاوتزر” الأمريكية
كان استخدامها أساسيا في إطار الدعم الغربي لأوكرانيا بالأسلحة الثقيلة لمساعدتها في معارك دونباس وإضعاف القوات الروسية بشكل عام.
و”هاوتزر” هي مدافع قصيرة تستخدم لإطلاق النار على مسارات عالية، ويمكنها إطلاق أربع جولات في الدقيقة، بحسب بيانات الجيش الأمريكي.
أعلن الرئيس الأمركي، جو بايدن مؤخرا عن حزمة مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 800 مليون دولار، لمساعدة كييف في قتالها القوات الروسية في دونباس
وأرسلت دول “الناتو” الآلاف من مدافع هاوتزر ودرب بعضها عناصر المدفعية الأوكرانيين على استخدامها.
أنظمة M270
وتلقت كييف أنظمة صواريخ متعددة الإطلاق من طراز M270 تعهدت بها المملكة المتحدة وألمانيا والنرويج. وتستخدم أنظمة M270 مبدأ “اضرب واهرب” للحد من مواجهة نيران الروس.
صواريخ غراد بي أم-21
وهي قاذفة صواريخ متعددة تثبت على شاحنة، وتم تطوير قاذفة الصواريخ هذه من قبل الاتحاد السوفييتي في الستينات.
وهذه القاذفة يمكنها إطلاق النار بسرعة على هدف للعدو على نطاقات أقصر، ولكن لديها دقة أقل من قاذفات الصواريخ المتعددة الأخرى، وفقا للجيش الأمريكي.
قاذفات الصواريخ “هيمارس”
مكنت قاذفات صواريخ “هيمارس” الأمريكية المتنقلة أوكرانيا من ضرب القواعد الروسية خلف الخطوط الأمامية، بما في ذلك مستودعات الذخيرة.
ومثل إرسال “هيمارس” تحولا عما كان الوضع عليه قبل إرسالها في يونيو الماضي، عندما اعتمدت أوكرانيا في الغالب على الطائرات بدون طيار والأسلحة المضادة للدبابات مثل “جافلين”، والتي لم تمنع القوات الروسية من كسب أراض في شرق أوكرانيا.
وهذه الصواريخ هي ضمن حزمة مساعدات عسكرية جديدة مخصصة لأوكرانيا بقيمة 775 مليون دولار، قال البنتاغون، الشهر الماضي، إنها تهدف إلى مساعدة كييف على إحداث تحول في سير المعارك، واستعادة الأراضي التي احتلتها القوات الروسية.
وقالت مجلة إيكونوميست، قبل أيام، إنها “لعبت دورا مهما في الهجوم الأوكراني المذهل في خاركيف، فضلا عن هجوم منفصل في الجنوب”.
ومنظومة المدفعية عالية الحركة “هيمارس” هي راجمة صواريخ متعددة منصوبة على مدرعات خفيفة وبالتالي متحركة تطلق صواريخ موجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس)، ويبلغ مداها حوالى 80 كيلومترا.
وخلافا للمدفعية المستخدمة من طرفي الحرب، تصيب هذه الصواريخ أهدافها بدقة، ما يمكن من استخدامها بصورة موثوقة.
وتتميز هذه الصواريخ بسرعة تحليقها وعلى ارتفاع منخفض بحيث لا يمكن للدفاعات الروسية اعتراضها بسهولة. كما أن سرعة تحرك الراجمات تجعل من الصعب استهدافها.
وأشار الرئيس، جو بايدن، من قبل إلى أنها “ستجعل من الممكن ضرب أهداف رئيسية في ساحة المعركة في أوكرانيا بشكل أكثر دقة”، مع تأكيد كييف على أنها لن تستخدم “لضرب الأراضي الروسية”.
وبالفعل، كان لها الفضل في تدمير مراكز القيادة الروسية ومستودعات الذخيرة وغيرها من أسلحة المدفعية المصممة لتعطيل خطوط الإمداد والأنظمة اللوجستية خلف الخطوط الروسية.
وكتب ميك راين، الجنرال الأسترالي السابق، في تغريدة أن نظام هيمارس “يبدل وجه المعارك في أوكرانيا. هو يسمح للأوكرانيين باستهداف الروس على مسافة أبعد وفي مناطق لم يكن بإمكانهم بلوغها حتى الآن بسبب الدفاع الجوي الروسي”.
وضرب المواقع الروسية البعيدة اعتمد أيضا على قطع مدفعية قوية من حلفاء آخرين مثل مدافع “سيزار” الفرنسية، والمدافع الألمانية ذاتية الدفع “بانزرهاوبيتز 2000”.
وأوضح ميك راين أن أوكرانيا تستخدم هذه الأسلحة ضد نقاط الضعف لدى الجيش الروسي، وتحديدا ميله إلى تخزين ذخائره قرب مستودعات السكك الحديد وفي مدن قريبة من خط الجبهة.
صواريخ “هارم”
وأعلن الجيش الأمريكي، مؤخرا، نيته إرسال صواريخ “هارم”، ضمن حزمة مساعدات جديدة، وهي صواريخ تطلق من طائرة وتستخدم في البحث عن أنظمة الدفاع الجوي المجهزة بالرادار وتدميرها.
وهذه الصواريخ مزودة بمقذوف يبلغ وزنه حوالي 350 كغم، بمدى يصل إلى حوالي 145 كم، “وقادرة على تحديد موقع أنظمة الرادار وضربها حتى بعد إيقاف تشغيلها”.
“هارم” استخدمت في حروب سابقة
في خطوة “مفاجئة”، أعلنت الولايات المتحدة عن تزويد أوكرانيا بصواريخ جو أرض مضادة للرادارات ساهمت بشكل كبير في ترجيح كفة الجيش الأوكراني خلال المعارك الأخيرة ضد القوات الروسية
وقالت وكالة بلومبيرغ في تحليل سابق إنه بعد نحو نصف العام من الغزو الروسي لأوكرانيا، قلبت الحرب الافتراضات حول الجيش الروسي، فبدلا من إعادة تأكيد موسكو كقوة عسكرية عالمية، أثبتت النتائج الميدانية عكس ذلك تماما.
وأوضح مسؤولون أمريكيون أن القدرات الأوكرانية مدعومة بالأسلحة الغربية المتطورة والتدريب أغلقت فجوة مهمة، لاسيما أنظمة “هيمارس”.
وقال مسؤول كبير في حلف “الناتو”: “إنه يوضح ما يمكن أن يفعله التدريب المستمر وتوفير الأسلحة عندما تكون القوة متحفزة للغاية وقادرة على توظيفها”.
وهناك شعور واضح بين المستشارين الأمريكيين والغربيين في أوكرانيا بأن الجيش الأوكراني بات على قدم المساواة مع روسيا أكثر بكثير مما كان يعتقد حتى قبل بضعة أشهر فقط.
وتقول فرانس برس: إن “الحرب في أوكرانيا يحسمها نفاد الذخيرة لدى أي من الطرفين”، مشيرة إلى أن الأوكرانيين يعولون على المساعدات العسكرية الغربية، والروس يستخدمون كل ما لديهم من وسائل في ظل العقوبات المفروضة عليهم، وفي هذا الإطار، يدور سباق لمعرفة أي من الطرفين سيرضخ قبل الآخر لنفاد أسلحته وذخائره.
وأعلن البنتاغون أن لديه معلومات تفيد بأن روسيا تواصلت مع كوريا الشمالية لطلب ذخائر منها” مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بصواريخ وقذائف مدفعية بملايين الدولارات”.
وقال الباحث الفرنسي، بيار غراسيه، لفرانس برس: إن “ما تبقى لدى الروس يلفه الغموض. كان لديهم المخزون الكافي لخطتهم الأصلية، لكن أعيد خلط الأوراق مع استمرار الحرب لوقت أطول مما كان متوقعا وتدمير المخزونات بواسطة صواريخ هيمارس”.
لكن أندري إيلاريونوف، المستشار الاقتصادي السابق للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والعامل حاليا لحساب “مركز سياسة الأمن” (سي أس بي) الأميركي، يرى أن المساعدة العسكرية لأوكرانيا غير كافية إطلاقا حتى تأمل في الانتصار على روسيا.
واعتبر أن “المساعدة العسكرية لأوكرانيا لا تتخطى 3 مليارات دولار في الشهر، ومجمل نفقات ائتلاف الحلفاء وأوكرانيا معا يقارب 7 مليارات دولار في الشهر على ما يبدو في ذروته… أما بالنسبة لروسيا فإن التقديرات تتراوح بين 15 و27 مليار دولار في الشهر”، لافتا إلى أنه “في حرب استنزاف طويلة، العامل الجوهري هو عامل الإنفاق العسكري”.
أما غراسيه فيقول إنه “من حيث القيمة العسكرية، الطرفان متساويان. الأوكرانيون لديهم أسلحة أقل من الروس، لكنها باتت الآن أكثر دقة بكثير”.
وأضاف: “استهلك الأوكرانيون عمليا كل ذخائرهم من الطراز السوفييتي سابقا. ولتفادي النقص، قدم الغرب لكييف من ضمن ما قدمه لها حوالي 239 قطعة من عيار 155 ملم، عيار الحلف الأطلسي”.
وتابع: “تضاف إلى ذلك هبة تزيد عن 492 ألف قذيفة صاروخية منذ أبريل. يتم استهلاكها منذ يوليو بمعدل ثلاثة آلاف مقذوف في اليوم. فنيا، تملك أوكرانيا ما يمكنها من الصمود حتى مطلع الشتاء. لكن ثمة بعض الأسئلة المطروحة حول قدرة الحلف الأطلسي على تقديم إمدادات بعد ذلك الحين”.
المصدر: الحرة