بقلم: فيصل عابدون – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- حققت الصين خلال الفترة الماضية نقاطاً جيدة على حساب الولايات المتحدة وحلفائها في الصراع الدائر لتوسيع النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري بمنطقة المحيط الهادي. وخلال الأيام الماضية علقت جزر سليمان زيارات جميع قطع البحرية الأمريكية إلى موانئها، ومنعت قبل ذلك سفينة لخفر السواحل الأمريكية من التزود بالوقود في ميناء هونيارا. وأثار القرار الذي يصب لصالح الصين خيبة أمل أمريكية.
وبذلت الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية جهوداً كبيرة لبناء حلف أمني من الدول الرئيسية في المنطقة وعلى رأسها الهند وأستراليا وكندا واليابان. لكن جهودها في كسب ولاء دول المنطقة تعثرت في مقابل اختراقات عديدة حققتها الصين. وكان آخرها اتفاق الشراكة الاقتصادية والأمنية الذي عرضته على دول المنطقة ووافقت عليه سلطات جزر سليمان بالفعل.
وأثار هذا الاتفاق مخاوف لدى الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا، من تشييد قاعدة بحرية صينية تبعد ألفي كيلومتر من الساحل الشمالي الشرقي لأستراليا، ويجعل الوجود العسكري الصيني قريباً من جزيرة غوام الأمريكية التي تستضيف قواعد عسكرية ضخمة. لكن بكين نفت أي مخططات لإنشاء قواعد عسكرية في المنطقة.
وفي مقابل التقدم الذي حققته بكين في جزر سليمان أبدى رئيس ميكرونيزيا، ديفيد بانويلوونبّه شكوكاً عميقة إزاء التقارب مع الصين وحذر من خطر انزلاق جزر المحيط الهادي إلى صراع جيوسياسي، لافتاً إلى أن “التأثيرات العملية للسيطرة الصينية على بنيتنا التحتية للاتصالات وأراضي المحيطات ومواردها ومساحتنا الأمنية، إضافة إلى التأثيرات في سيادتنا، تفاقم فرص خوض الصين نزاعاً مع أستراليا واليابان والولايات المتحدة ونيوزيلندا”.
وفي خضم سباق دبلوماسي محموم بين المسؤولين الصينيين والأمريكيين إلى دول المنطقة، عرض الرئيس الأمريكي جو بايدن استضافة قادة جزر المحيط الهادي في البيت الأبيض في اجتماعات قمة تقرر انعقادها نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي. وتحدثت مساعدة وزير الخارجية ويندي شيرمان التي تزور مملكة تونجا في المحيط الهادي، عن “فرصة تاريخية” للحوار.
وأعلنت واشنطن افتتاح بعثات دبلوماسية في عدد من الجزر. كما زار وزير الخارجية أنتوني بلينكن المنطقة، وألقت نائبة الرئيس كامالا هاريس خطاباً أمام منتدى جزر المحيط الهادي.
وفي يونيو(حزيران) الماضي أطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا واليابان مبادرة«شركاء في بلو باسيفيك» بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع دول جزر المحيط الهادئ وتمكين وجودهم في المنطقة. ومن دون أن يؤكد سياسته الهادفة إلى مواجهة النفوذ الصيني وتقليصه، ويقول الاتحاد الأوروبي إنه يريد تعزيز وجوده الاستراتيجي في المحيط الهادي من خلال العلاقات الاقتصادية والتزامات أمنية جديدة.
إن صراع العملاقين الأمريكي والصيني على السيطرة في هذه المنطقة لا يزال في بدايته. وبينما تخوض الولايات المتحدة هذه المعركة مع حلفاء أقوياء بينهم بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، فإن الصين تدخله منفردة ومعتمدة على قوتها البحرية الهائلة من جهة وقوتها الناعمة في تقديم الدعم المالي وفرص الاستثمارات المنصفة من الجهة الأخرى. وهو ما يجعل إمكانية الردع في هذا الصراع أمراً متعذراً.