الشرق اليوم– أن يشارك أكثر من 50 ألف جندي من 14 دولة، وما يزيد على 5000 وحدة أسلحة؛ منها 140 طائرة، و60 سفينة حربية متعددة الأشكال والأحجام والمهام، وأن يشارك ثاني وثالث أقوى جيشين في العالم، وهما الروسي والصيني، إضافة إلى الهند التي تمتلك رابع أقوى جيش في العالم، وأذربيجان وأرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغزيستان وطاجيكستان ولاوس ومنغوليا ونيكاراغوا، وبلدين عربيين، هما الجزائر وسوريا، في مناورات واحدة شرقي روسيا “فوستوك 22” (الشرق 22)، وفي سبعة ميادين رماية، فذلك ليس مجرد تدريب بين هذه الجيوش، وإنما هناك أهداف أبعد من كونها مناورات بهذا الحجم في ظل ظروف دولية عاصفة، تنبئ بتغييرات مهمة في بنية النظام الدولي، على وقع حرب ضروس في أوكرانيا بين روسيا وحلف الأطلسي، وفي شرق آسيا بين الولايات المتحدة والصين؛ حيث تستعر المواجهة بينهما على خلفية الأزمة التايوانية، وتصاعد الحرب الاقتصادية على مساحة العالم في صراع على النفوذ والموقع الدولي.
تريد روسيا والصين من هذه المناورات الواسعة وغير المسبوقة التي تنتهي يوم الأربعاء المقبل، أن توجها رسالة مشتركة إلى الدول الغربية، وتحديداً إلى دول حلف الأطلسي، بأنهما في حالة جهوزية لمواجهة أية محاولة لتوسيع ساحة الحرب، وأنهما ليستا في عزلة كما يعتقد البعض؛ بل إن هناك دولاً تتشارك معهما، ولديها نفس الأهداف في مواجهة التهديدات والضغوط التي تتعرض لها من جانب الولايات المتحدة، لجرها إلى مواقف تتعارض مع مصالحها الوطنية.
صحيح أن هذه المناورات “ليست موجهة ضد أية دولة” كما تقول روسيا، لكنها تؤكد من جهة أخرى أنها “دفاعية بحتة”، بمعنى أنها تعزز التحالف العسكري بين الدول المشاركة، كما تعزز قدراتها العسكرية في المواجهة المفتوحة بين روسيا والصين من جهة، ودول حلف الأطلسي من جهة أخرى، في حال تطورت المواجهة الحالية إلى ما هو أسوأ؛ لذا فإن بعض الخبراء العسكريين يعدون بأن هذه المناورات، تضع الأساس لحلف عسكري موازٍ لحلف الأطلسي؛ بل إن صحيفة “دايلي إكسبرس” البريطانية، تذهب إلى حد القول: إن الرئيسين الروسي والصيني يريدان “إرسال تهديد مشؤوم إلى الغرب” من خلال هذه المناورات، وتضيف: “إنها تأتي رداً على تصرفات الدول الغربية التي تعمل على تأجيج عدم الاستقرار العالمي، من خلال توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، وزيارة المسؤولين الأمريكيين إلى تايوان”.
ما يؤكد ذلك، أن الولايات المتحدة أعربت عن قلقها بشأن تركيبة الدول المشاركة، وخصوصاً الهند، وفقاً لما ذكرته كارين جان بيير، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض. وقد ردت الصين بالقول: إنها “لا تحتاج إلى تعليمات من واشنطن حول متى وكيف وأين تجري التدريبات”. وما يعطي أهمية ومعنى أكبر للمناورات أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرر زيارة مسرح المناورات في كامتشاتكا في أقصى الشرق الروسي.
المصدر: صحيفة الجريدة