الرئيسية / مقالات رأي / TRENDS: العراق.. ماذا بعد التهدئة؟

TRENDS: العراق.. ماذا بعد التهدئة؟

الشرق اليوم- جاءت دعوة الصدر لأنصاره بالانسحاب من المنطقة الخضراء والعودة إلى منازلهم وإنهاء كل مظاهر التظاهر والاعتصام في الوقت المناسب، بعد أن كادت الأمور تنجرف عن المسار الذي خُطط لها بالسِّلمية إلى منحى العنف والاقتتال الداخلي. ويُحسب للصدر، الذي يتمتع بالشعبية الأكبر في العراق، وفقاً لنتيجة الانتخابات الأخيرة، أو بمعيار القدرة على التعبئة وحشد الجماهير وتوجيه سلوكهم، أنه آثر حقن الدماء على المصالح الحزبية، وانحاز للمسار السلمي خشية الانزلاق إلى حرب أهلية، يمكن أن تأكل الأخضر واليابس، ولاسيما مع تردي الأوضاع المعيشية للناس وحالة الاحتقان التي تشبه فترة ما قبل ظهور داعش.

وعلى الرغم من إعلان الصدر اعتزال العمل السياسي نهائياً – وهذه بالطبع ليست المرة الأولى، وقد يتراجع عنها قريباً كما فعل من قبل، فإنه يثبت مرة أخرى أنه رقم صعب في معادلة النظام السياسي العراقي، ويُتوقع أن يواصل المسار باتجاه إصلاح النظام القائم على المحاصصة والطائفية وإيجاد نظام جديد يلبي طموحات العراقيين ويقضي على الفساد ويحقق التنمية المنشودة منذ عقود، ويضع حداً للتدخلات الخارجية في البلاد.

ولا شك في أن انسحاب أنصار الصدر أسهم في تجنيب العراقِ سيناريو كارثياً، ولكن على القوى السياسية العراقية أن تعي جيداً ضرورة الوصول إلى تسويات وتفاهمات مُرضية للجميع، وتجنُّب مخاطر العودة إلى “المربع الأول”، وخيار الشارع مرة أخرى، وربما فَتْح الباب أمام حسم الصراع بقوة الميليشيات والأطراف الخارجية، ولهذا فقد اعتبر الرئيس العراقي برهم صالح أن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة “يمثل مخرجاً للأزمة”، وهو أحد السيناريوهات المطروحة.

وبهذه التهدئة يكون الصدر قد ألقى الكرة في ملعب قوى “الإطار التنسيقي”، والتي يفترض أيضاً أن تقوم بدورها في التهدئة، والتحرك نحو التوافق والعودة إلى طاولة المفاوضات وعدم الانفراد بمسألة تشكيل حكومة جديدة، قبل الشروع في إجراء عملية انتخابية بهدف وضع حد لهذا الصراع السياسي المزمن وإنهاء الفراغ الحكومي بشكل دستوري، فمن الخطأ أن تَعتبر أو تتعامل قوى الإطار التنسيقي مع موقف الصدر على أنه خطاب هزيمة أو تراجع، وأن تُسرع بتشكيل حكومة أو تلجأ لعقد جلسات البرلمان دون توافق. فمن شأن مثل هذا التفكير أو القراءة الخاطئة للمشهد أن تبتعد عن إفرازات الأزمة وتطوراتها، وهو ما قد يجر العراقيين مجدداً إلى الشارع، وقد تتأزم الأمور إلى ما لا يُحمَد عُقباه.

كما أن على الأطراف الإقليمية والدولية، وخاصة إيران، أن تتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي العراقي، وأن تدعم جهود التهدئة، وأن تساعد العراقيين على الخروج من هذا المأزق، الذي يبدو – وهناك تأييد كبير له في الشارع – أنه يبدأ بانتخابات مبكرة لتصحيح المسار، وإقرار السِّلم الأهلي في العراق. ولاشك في أن للدول العربية هنا دوراً مهماً، حيث يجب أن تواصل مسار الانفتاح على العراق وتستمر في دعمه ومؤازرته بكل السبل الممكنة، حتى يعود إلى دوره الطبيعي في محيطه العربي.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …