الرئيسية / مقالات رأي / المعضلة الأوروبية

المعضلة الأوروبية

الشرق اليوم- يبدو أن شهر سبتمبر سيكون حاسماً لأوروبا، فالقارة العجوز تغلي، ليس من الجفاف غير المسبوق فحسب، بل من التناقضات السياسية الصارخة المرتبطة بالأزمة في أوكرانيا.

استمرار الحرب في شرق القارة يزيد الضغوط على الاتحاد المنهك من تداعيات “كوفيد -19″، والآثار المالية السلبية التي تصاعدت بسبب فاتورة الدواء، وها هي اليوم تصل إلى مستويات غير مسبوقة مع ارتفاع فاتورة الطاقة والغذاء.

ارتفاع الأسعار يزيد من معاناة الأسر والشركات التي تواجه موجة جفاف مقلقة، فيما الخوف من جفاف يتمدد إلى الاحتياطيات النقدية، ليقف صانعو السياسة المالية أمام خياراتهم المؤلمة لرفع الفائدة، ما من شأنه أن يزيد من معاناة 340 مليون نسمة، سكان دول منطقة اليورو.

جنون الأسعار يتفشى في شوارع 19 دولة تشترك في عملة موحدة ترزح هي الأخرى في فخ التعادل مع الدولار الأمريكي المرشّح لمزيد من التصاعد، ففي حين أن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة لم يكن مفاجئاً، فإن القفزة في تكاليف الخدمات وتضخم أسعار السلع غير المرتبطة بالطاقة تشي بأن الأزمة أعمق، وأن تفشي وباء التضخم آخذٌ في التمدد بشرايين الاقتصاد بأكمله.

مخاوف الاقتصاد لا تنفصل عما يجري في كواليس بروكسل واجتماعات براغ، فالتباين بين أعضاء التكتل آخذٌ بالاتساع هو الآخر، حتى إن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أقر هذا الأسبوع بالانقسامات الحادة بشأن روسيا والتعامل مع المسألة الأوكرانية، معترفاً بأن الاتحاد سيواجه على المدى القصير تحديات جدية، في محاولة لتلطيف تحذيرات رئيس الوزراء البولندي ماتيوز مورافيسكي على صفحات “لو فيغارو” الفرنسية من احتمالية “حدوث انفجار” داخلي في الاتحاد الأوروبي، بسبب الانقسام بين الدول التي تريد السلام وتلك التي تريد انتصاراً لأوكرانيا.

وفي مشهد سريالي، تخيّم عليه ظلال “الحرب الباردة الثانية” وتداعياتها التي تنهك أوروبا الموحدة، يأتي نعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لآخر رؤساء الاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف، ووصفه له ب “السياسي ورجل الدولة الذي كان له تأثير كبير على تطور تاريخ العالم”، مثيراً جملة من الاستفهامات والدلالات في أجواء الصراع الدائر اليوم.

مفارقة مشهد غورباتشوف الذي أنهكته “الحرب الباردة الأولى” قبل عقود ثلاثة خلت، وهو يعلن نهاية حقبة الاتحاد السوفييتي ويسلّم مفاتيح الرؤوس النووية إلى روسيا الدولة الوريثة، تتجلى اليوم في “اتحاد أوروبي” يئنّ تحت تساؤلات مصيرية رغم الفارق في المشهدين الدوليين السائدين، مفارقة تدعو إلى التأمل، وقبلها إلى الاعتراف بأن الوحدة الأوروبية تتطلب مقاربات جديدة من قادة الاتحاد، وخصوصاً من الدولتين المركزيتين ألمانيا وفرنسا، في شأن صراع مفتوح لا بد له من نهاية.. لكن السؤال هو: على حساب من؟

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …