بقلم: علي قباجة – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- يبدو أن العالم يسير لا محالة إلى هلاكه، حيث ما زالت الجبهات تتوسع بين الفرقاء، فالحرب الأوكرانية- الروسية، فتحت شهية بؤر الصراع الأخرى، وأصبح اندلاع المعركة في أي جبهة غير مستبعد. الصين وغريمتها الولايات المتحدة وحلفاؤها بثوا العديد من التهديدات الساخنة، وكوريا الجنوبية وجارتها الشمالية لا تزالان تنفذان مناورات تحمل في طياتها رسائل تهديدية، بل وصل الحال إلى وضع الخيار النووي على الطاولة بينهما، وثمة جبهات أخرى كثيرة تهدد العالم بالفناء.
إحدى بؤر الصراع الساخنة تتمثل في شبه الجزيرة الكورية، إذ إن منسوب التوتر بلغ أوجه، وأمست مدافع الموت مهيأة لقذف نارها، بل إن كل طرف يعد العدة لسحق الطرف الآخر، فسيؤول أمرت بتحديث الخطط العملياتية للجيش لمواجهة التهديدات النووية والصاروخية المتزايدة من جانب كوريا الشمالية، وجاء هذا التوجيه من رئيس كوريا الجنوبية خلال زيارته الأولى لمخبأ عسكري في العاصمة سيكون مركز قيادة في حالة نشوب حرب، كما تزامنت تصريحاته مع بدء تدريبات عسكرية، بين القوات الجنوبية والأمريكية، وهذه التدريبات تجري وفق سيناريو مختلف عن كل مرة، فهي تهدف إلى وضع استراتيجيات مواجهة شاملة في حال اندلاع الحرب.
في المقابل، فإن بيونج يانج تتهيأ لتجربة نووية سابعة، حسب العديد من التقارير الاستخباراتية، كما أنها أجرت تجارب صاروخية بوتيرة غير مسبوقة هذا العام، ولوّحت أكثر من مرة بصدام عسكري مع واشنطن، حيث دعا زعيمها قوات الردع النووي للاستعداد الدائم، بينما الولايات المتحدة فاقمت العقوبات على الشمالية، وحاصرتها عسكرياً بضخ قواتها في المنطقة، ودعم حلفائها، وتعهدها الدائم بصد أي تحرك قد تقوم به بيونج يانج.
تهديدات الحرب المتبادلة لا يمكن اعتبار أنها تأتي في إطار التخويف، بل يمكن أن تتحول واقعاً، ولا بد من أخذ العبرة من الحرب الدائرة الآن في أوكرانيا، فالمعركة الكلامية بين موسكو وكييف استمرت سنوات، قبل أن تتبلور إلى حرب حقيقية تأكل الأخضر واليابس، وتشكل حالياً خطراً حقيقياً من تمددها إلى أوروبا وبالتالي اندلاع حرب عالمية ثالثة.
المناوشات بين الكوريتين لم تنته، واليابان أيضاً على خط الجبهة، والولايات المتحدة حاضرة بأسلحتها وقواتها، لذا فإن أي خطأ بالحسابات، قد يجر المنطقة كلها إلى حرب لن تكون محصورة فقط في الإقليم، فالصين وروسيا ستكونان لاعبين رئيسيين من خلال وقوفهما إلى جانب الشمالية، بينما واشنطن وأوروبا ستدعمان حلفاءهما في شرق آسيا، ما يعني أن العالم سيكون على فوهة بركان، قد يحرق بحممه.
كان ثمة محادثات قائمة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، لكنها توقفت منذ سنوات، لذا فإن الأجدى الآن وفي ظل المرحلة الحالية إعادتها إلى الواجهة من جديد، والاتفاق على هدنة توقف الاستفزازات المتبادلة، كي تبرد هذه الجبهة الساخنة، لأنه في حال اشتعلت فإن العالم لن يحتمل صراعات متعددة، وبالتالي فإن هذه الحرب قد تصيبه في مقتل.