الرئيسية / مقالات رأي / سنة على حكم “طالبان”… وعلى الحصار الأمريكي

سنة على حكم “طالبان”… وعلى الحصار الأمريكي

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم- بعد عام على وصول حركة “طالبان” إلى الحكم للمرة الثانية، تبقى أفغانستان تحت حصار أمريكي خانق، حيث لا تزال مليارات الدولارات من الأموال الأفغانية مجمّدة في المصارف الأمريكية، ما يعرقل دفع رواتب الموظفين ويعوّق عمل المؤسسات.

ولا تزال “طالبان” تكافح من أجل نيل الإعتراف الدولي بها. وطالما لا تحظى باعتراف واشنطن فإن بقية دول العالم لن تقيم علاقات دبلوماسية مع كابول، على رغم أن دولاً كثيرة تجري لقاءات مع ممثلين عن الحركة، بخلاف ما كان عليه الوضع عندما وصلت “طالبان” إلى الحكم في عام 1996، وكانت تعاني من عزلة تامة.

وإستناداً إلى تقرير صدر مؤخراً عن المفتش الخاص الأمريكي حول إعادة إعمار أفغانستان، فإن 90 في المئة من الأفغان يواجهون نوعاً من إنعدام الأمن الغذائي، ويبقى المدرّسون أشهراً من دون تقاضي رواتبهم، والمستشفيات تعاني نقصاً في المواد الطبية بسبب التعقيدات الناجمة عن العقوبات الأمريكية على “طالبان”.

و”طالبان” نفسها لم تفِ بكثير من الوعود التي أطلقتها قبل وصولها الثاني إلى السلطة. ذلك، أنها لم تؤلف حكومة جامعة تضم كل أطياف الشعب العرقية والمذهبية، واقتصرت على تمثيل القوى التي تتشكل منها الحركة نفسها، ولا تزال مثلاً عرقية الهزارة خارج التمثيل الحكومي، والنساء غير ممثلات ويقتصر وجودهن في الوظائف على الحد الأدنى بينما السماح لهن بالتعليم خاضع هو الآخر لمزاجية السلطات الجديدة.

وأتت عملية تصفية زعيم تنظيم “القاعدة” أيمن الظواهري قبل أسابيع في كابول لتضفي مزيداً من التعقيد على العلاقة بين الولايات المتحدة و”طالبان”. فهذا التطور يعتبر مشكلة رئيسية لأنه من المحتمل أن يفسد الفرصة الضئيلة التي كانت متاحة أمامها لإقامة علاقات عملية وطبيعية مع الولايات المتحدة وأوروبا، وربما مع دول الجوار. وكان القلق من “طالبان” أحد الأسباب الرئيسية لبقاء الأموال الأفغانية مجمدة في المصارف الأمريكية، في وقت يكافح المواطن الأفغاني العادي يومياً ليدفع عنه غائلة الجوع. وتُعتبر إقامة الظواهري في منزل بجوار مقر إقامة وزير الداخلية في حكومة “طالبان” سراج الدين حقاني، بمثابة تعزيز لنظرية السلوك المزدوج لحركة “طالبان” في أذهان المسؤولين الأمريكيين، وفق ما كتبت مجلة “النيوزويك” الأمريكية.

ولم يتأخر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في إثارة هذه المسألة بقوله إنه “من طريق توفير مأوى لزعيم “القاعدة” تكون “طالبان” قد انتهكت بشكل خطير اتفاق الدوحة والتأكيدات المتكررة في أنها لن تسمح باستخدام الأراضي الأفغانية من قبل إرهابيين يشكلون تهديداً لأمن دول أخرى”.

ويذكر أنه تم التوقيع على اتفاق الدوحة في شباط (فبراير) 2020، ويتضمن سلسلة من الالتزامات التي يتعين على كلٍ من الولايات المتحدة و”طالبان” التقيد بها. وفي مقدمها تعهد “طالبان” منع أي جماعة إرهابية، خصوصاً “القاعدة” “من استخدام التراب الأفغاني لتهديد أمن الولايات المتحدة وحلفائها”. ويُلزم الاتفاق “طالبان” وقف التعاون مع أي مجموعة أو أفراد يهددون الأمن الأمريكي.

من المهم ملاحظة أن “طالبان” ليست مجموعة متراصة. وعلى رغم أن الحركة منضبطة داخلياً، وهي تعاقب المنشقين عنها، وتتبع أوامر زعيمها هبة الله آخوندزاده، لكنها منقسمة على أسس مناطقية وعرقية. وهناك تنافس بين شبكة حقاني، التي ترتبط بعلاقات تاريخية مع “القاعدة”، سياسياً وعملانياً، وفصيل آخر موجود تقليدياً في الجنوب. والتنافس بين الفصيلين ليس حول الإيديولوجيا أو القيم، وإنما هو على السلطة.

وقبل العثور على الظواهري وقتله، كان مسؤولون أمريكيون ومن “طالبان” يناقشون مواضيع كثيرة، من المساعدة الإنسانية إلى الاستقرار الاقتصادي. وحتى أن الجانبين كانا يناقشان اقتراحات تجارية وأفضل الطرق للإفراج عن 3.5 مليارات دولار من الاحتياطات الأجنبية لأفغانستان. وقد ترأس المبعوث الأميركي إلى أفغانستان، توماس ويست وفداً من وكالات أميركية عدة سافر إلى أوزبكستان في 27 تموز (يوليو) الماضي لمواصلة المحادثات مع “طالبان” حول الاقتصاد الأفغاني.

هذا التقدم الذي تحقق على هذا الصعيد، سيكون عرضة لإعادة النظر الأمريكية ووضع مسار الحركة مجدداً تحت الرقابة الصارمة.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …