الشرق اليوم– الشيء الوحيد المؤكد هو أن غزواً صينياً لتايوان سيكون مدمرا بنفس القدر، إن لم يكن أكبر، من الدمار الذي تسبب به الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأظهرت لعبة محاكاة حربية قادها خبراء في مركز أبحاث بواشنطن مدى القدرة التدميرية الهائلة التي سيثيرها الغزو – في حال حصوله – لكنها أظهرت أيضا إن الدفاع عن الجزيرة، في حال اشتركت الولايات المتحدة، هو أمر ممكن.
سيناريو محتمل
ويفترض سيناريو لعبة الحرب أن الصين قررت مهاجمة تايوان وأن الولايات المتحدة تأتي لمساعدة تايبيه، ولم تتضمن اللعبة الدور المحتمل للأسلحة النووية.
وفي الأسابيع الثلاثة الأولى بعد غزو تايوان، وفقا للسيناريو التخيلي – ستغرق الصين حاملتي طائرات أمريكيتين، وتهاجم قواعد أمريكية في جميع أنحاء اليابان وغوام، وتدمر مئات المقاتلات النفاثة الأمريكية المتقدمة.
لكن وضع الصين كان أسوأ، فقد دمر أسطولها البرمائي بسبب هجمات الصواريخ والغواصات الأمريكية واليابانية التي لا هوادة فيها، ولم تستطع إعادة إمداد قواتها الخاصة التي أنزلت لتايوان، بينما كانت العاصمة تايبيه آمنة في أيدي التايوانيين.
ووفق سيناريو اللعبة المفترض التي صممها المركز، فإن الجيش الصيني سيطلق صواريخ باليستية على قواعد جوية أمريكية في اليابان، ومجموعة ضاربة من حاملات الطائرات في المحيط الهادئ، مما أدى إلى تدمير عدة أسراب من المقاتلات النفاثة، وإغراق حاملة الطائرات وغيرها من السفن الأمريكية، وهي تنشر خط اعتصام دفاعي من السفن السطحية على الساحل الشرقي لتايوان وتقصف البنية التحتية للجزيرة للتدخل في حركة القوات البرية في تايوان.
وأخيرا، تنزل الصين 22 ألف جندي على الساحل الجنوبي الشرقي لتايوان وتقاتل ببطء شمالا، على أمل الاستيلاء على ميناء أو مطار مع تجنب المدن وحرب المدن التي تأتي معها.
ولكن مع مرور الأيام، يتحول الزخم إلى الولايات المتحدة واليابان. وعلى الرغم من الخسائر المروعة في السفن والطائرات والأفراد، تقصف القوات الأمريكية الموانئ الصينية، وتقضي على خط الهجوم من السفن، وتهاجم بنجاح نقطة ضعف بكين، وهي السفن البرمائية التي تحتاجها لنقل القوات والإمدادات إلى تايوان.
وبدت اللعبة التي أجراها المركز- والتي شملت فرقا “حمراء” و “زرقاء” وخرائط ونرد من 20 جانبا وحسابات كمبيوتر معقدة – أقل شبها بالمحاكاة من معاينة لمستقبل محتمل.
وأظهرت خريطة تكتيكية لتايوان قوات صينية باللون الأحمر تسيطر على الثلث الجنوبي من الجزيرة لكن التكلفة ستكون مرتفعة لجميع الأطراف.
وقال العميد المتقاعدة في سلاح الجو، بولا ثورنهيل، المشاركة في اللعبة: إنه “لم يعتقد أحد أن هذا كان واقعيا حتى السنوات القليلة الماضية”.
ففي الماضي، كان لاعبو الحرب يتهمون أحيانا بأنهم “دعاة حرب”، ولكن منذ ذلك الحين، زادت الصين من قدراتها العسكرية وتطلعاتها.
ويقول بعض المحللين إن الانتكاسات المبكرة غير المتوقعة لروسيا في غزوها لأوكرانيا ربما أعطت الرئيس الصيني، شي جين بينغ، مقدارا من التثبيط، لكن الصحيفة تقول إن محللين آخرين يشعرون بالقلق من أن الرئيس، شي، قد استخلص الدرس المعاكس، وهو استخدام أقصى قدر من القوة وضرب قيادة تايوان منذ البداية.
وأوضحت اللعبة الحربية التي استمرت 7 ساعات، والتي تحاكي ثلاثة أسابيع من القتال، مدى صعوبة قيام الصين بغزو برمائي عبر مضيق تايوان الذي يبلغ طوله 100 ميل، حتى مع تقدمها العسكري في السنوات الأخيرة.
ولكن التكلفة ستكون باهظة، إذ سيتحطم اقتصاد تايوان، وسيتعرض الجيش الأمريكي للضرب إلى الحد الذي قد يستغرق سنوات لإعادة بنائه، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات على قوة أمريكا العالمية.
وتهدف المحاكاة، التي تعقد في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى اختبار كيفية تفاعل الجانبين الصيني والأمريكي مع تحركات بعضهما البعض.
وأشار بعض القادة العسكريين الأمريكيين إلى عام 2027، الذكرى الـ 100 لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني، كتاريخ غزو محتمل.
وقالت بيكا واسر، وهي مشاركة أخرى في اللعبة، إن عام 2036 هو إطار زمني أكثر احتمالا، مضيفة “في عام 2027، من غير المرجح أن يكون لدى الصين القدرة على شن غزو برمائي لتايوان بنجاح” ، وأضافت واسر، وهي زميلة في مركز أبحاث الأمن الأمريكي الجديدإن “هذا يشير إلى أنهم سيتبعون نهجا آخر”.
ويقول العديد من المتخصصين: إن تدريبات الذخيرة الحية واسعة النطاق التي تجريها الصين بعد زيارة رئيس مجلس النوب الأمريكي، نانسي بيلوسي، تنذر باستراتيجية لحصار تايوان والضغط عليها بدلا من تسويتها بالأرض.
وتهدف المناورات الحربية، التي قال متخصصون إنها تشبه الألعاب السرية التي يجريها البنتاغون، لاختبار كيفية حدوث سيناريوهات مختلفة، وكذلك كيفية تفاعل الجانبين الصيني والأميركي مع تحركات بعضهما البعض، وتأثير مخزوناتهما من الأسلحة.
وتدور أحداث الصراع المتخيل في عام 2026، ويقتصر كل طرف على القدرات العسكرية التي أظهرها في الحياة الواقعية وتقوم أجهزة الكمبيوتر بحساب كل شيء من حجم مدارج الطائرات إلى المدة التي تستغرقها الغواصات لإعادة التسلح.
وأظهرت مقاطع فيديو لوسائل الإعلام الحكومية الصينية وخريطة لتدريبات بالذخيرة الحية حول تايوان استراتيجية بكين لفرض حصار جوي وبحري على الجزيرة.
وصممت اللعبة، وهي الوحيدة من نوعها خارج المؤسسات الرسمية، باشتراك خبراء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وكلية الحرب البحرية. وقال: إن منشئي اللعبة أرادوا أن يكونوا قادرين على مشاركة النتائج مع جمهور أوسع مما هو ممكن مع الجمهور المصنف.
المصدر: الحرة